كان “السامريُّ” لا يحبُ سيدنا موسى (عليه السلام) ويحقد عليه، ويغار منه، ورغم ذلك كله، كان في مقدمة المؤيدين للنبي موسى، والمتمترسين في صفوفه؛
لأنه لم يجد مكانًا في قصر فرعون، ولا بين رجال هامان…
ذهب “السامريُ” إلى خندق (الآخر) مضطرًا، أو بإرادته، ليبقى في الضوء.
ولو قذف له أحد رجال فرعون أو هامان بـ (عظمة) لظل ينبح طيلة عمره ضد موسى ورجاله..
فلا تنبهر بالمعارضين، ولا تندهش من حال (المطبلاتية المنافقين)،
فالأيامُ فاضحة: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (37- الأنفال)
وكما قال الصحابي الجليل “عبد الله بن مسعود” – رضي الله عنه: (مَن أراد أن يستنّ، فليستنَّ بمن قد مات، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتنة)
ولكن تردد هذا الدعاء: “اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه”
من هو السامري؟
السامري شخصية ورد ذكرها في القرآن الكريم في سياق قصة نبي الله موسى (عليه السلام) وبني إسرائيل، وهو من أبرز من أضلّ بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر.
بعد أن ذهب موسى (عليه السلام) لميقات ربه على طور سيناء، وترك قومه مع أخيه هارون، استغل السامري غيبة موسى فجمع الحليّ من بني إسرائيل، وصاغ منها عجلاً جسدًا له خوار (أي صوت كخوار البقر)، ثم دعاهم إلى عبادته وقال: ﴿هَذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ [طه: 88]. فعبد كثير من بني إسرائيل العجل وضلّوا بسببه.
جاء في القرآن: ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ [طه: 88].
جاء في تفسير الطبري وغيره أنّه كان رجلاً من بني إسرائيل أو من غيرهم عاش بينهم.
اختلف المفسرون في أصله: فقيل كان من قوم يعبدون البقر، وقيل كان من أهل كرمان أو من السامرة (ومن هنا لُقِّب بالسامري)، وقيل كان علجًا من العجم أسلم ظاهرًا وبقي على نفاقه.
لما عاد موسى ورأى ما فعل السامري، غضب وألقى الألواح، ثم واجهه باللوم.
قال تعالى عن عقوبة السامري: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ﴾ [طه: 97].
أي أن موسى حكم عليه بأن يعيش منبوذًا، لا يخالط الناس، مطرودًا معاقبًا.
السامري رجل ضال منافق، ابتدع لبني إسرائيل عبادة العجل، فكان سببًا في شركهم.
ليس نبيًا ولا رجلًا صالحًا، بل من أهل الغواية والضلال.
القرآن لم يحدّد أصله بدقة، والمهم أنّه رمز للمضلّ الذي يفتن الناس عن عبادة الله.. والسامريون في كل زمان ومكان، حتى يرث اللهُ الأرض ومن عليها..