في خطوة تعكس تفاقم الأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أرسل المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (بنما)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. تأتي هذه الرسائل في سياق تصعيد الهجمات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، مع مطالبة صريحة بتحرك دولي فوري لوقف ما وصفه منصور بـ”الإبادة الجماعية” وتدمير فلسطين، بما في ذلك نشر قوة حماية دولية للشعب الفلسطيني.
وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أشار منصور في رسائله إلى أن مليون فلسطيني يواجهون تهديدًا وجوديًا لحياتهم، بينما تواصل إسرائيل خططها لغزو غزة دون الالتزام بمطالب وقف إطلاق النار أو بالقانون الإنساني الدولي. كما حذر من أن غياب التحرك الدولي قد سمح لإسرائيل بالاستمرار في عرقلة المساعدات الإنسانية بشكل قاسٍ وغير قانوني، مما أدى إلى تسريع انتشار المجاعة والأمراض في قطاع غزة.
منصور شدد على أن “التصنيف الدولي لانعدام الأمن الغذائي (IPC) أعلن رسميًا، في تقريره الصادر اليوم، وقوع المجاعة في غزة”، مضيفًا أن تقرير منظمة ميد جلوبال (MedGlobal) أكد ارتفاع سوء التغذية الحاد بين الأطفال بنسبة 914% منذ الحصار الإسرائيلي في مارس الماضي، مع تجاوز حد المجاعة بالفعل.
يأتي إعلان المجاعة في غزة كأول حالة مجاعة واسعة النطاق في الشرق الأوسط، وفق تقرير لجنة مراجعة المجاعة التابعة للـ IPC، الذي أكد أن أكثر من 500 ألف شخص في غزة يواجهون مستويات كارثية من الجوع وسوء التغذية الحاد. وتوقع التقرير امتداد المجاعة إلى مناطق دير البلح وخان يونس بحلول نهاية أغسطس 2025، مع وفاة 272 فلسطينيًا، بينهم 113 طفلًا، جراء الجوع حتى الآن.
كما أفادت منظمة اليونيسف ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن 345 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، مع 17 ألفًا في حالة سوء تغذية حاد شديد يهدد حياتهم. وأشارت تقارير دولية إلى أن الحصار الإسرائيلي المكثف منذ مارس 2025 قد أدى إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والمياه في غزة، مع حجب إمدادات غذائية بقيمة تزيد عن 2.5 مليون دولار خارج القطاع.
أثارت الرسائل ردود فعل دولية، حيث وصفت منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشونال) سياسة إسرائيل بـ”التجويع المتعمد”، معتبرة إياها جريمة حرب محتملة. كما أدانت الأمم المتحدة ومنظمات مثل أوكسفام وميرسي كوربس القيود الإسرائيلية على المساعدات، محذرة من “مجاعة جماعية” غير مسبوقة في غزة والسودان معًا.
من جانبها، نفت إسرائيل الادعاءات، حيث اتهمت وكالة COGAT (الجهاز الإسرائيلي المسؤول عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية) حركة حماس بالترويج لـ”رواية المجاعة”، مدعية تسهيل المساعدات عبر الإسقاطات الجوية والممرات الإنسانية. ومع ذلك، تناقض هذه الادعاءات تقارير الأمم المتحدة التي تؤكد سيطرة إسرائيل على نقاط الوصول وتدفق المساعدات.
دعا منصور مجلس الأمن إلى تنفيذ مسؤولياته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المدنيين ووقف التهجير القسري، مشددًا على ضرورة فرض حظر أسلحة وعقوبات على إسرائيل، بالإضافة إلى الاعتراف بدولة فلسطين لتعزيز حق تقرير المصير. وأشار إلى أن الإحصاءات تشمل مقتل أكثر من 62,122 فلسطينيًا وإصابة 156,758 آخرين، مع آلاف المفقودين، واستهداف الصحفيين والعاملين الإنسانيين، مثل مقتل أنس الشريف ومحمد قريقع في غارة إسرائيلية قرب مستشفى الشفاء في 10 أغسطس.
يتصاعد الصراع منذ 7 أكتوبر 2023، مما أدى إلى تشريد واسع النطاق وتفاقم الأزمة الإنسانية. ومع إعلان المجاعة الرسمي، يتوقع مراقبون أن يزيد الضغط الدولي على إسرائيل، خاصة مع تقارير عن حملات تضليل إسرائيلية تتهم الأمم المتحدة بعدم توزيع المساعدات. ويظل الدعوة لقوة حماية دولية مثيرة للجدل، حيث لم يتم تنفيذ قرارات سابقة مثل القرار 2735 لعام 2024 بشكل كامل.