لا تنفك هجمات جماعة الحوثييين باليمن، ولا ينتهي إطلاق صواريخها الباليستية على دولة الاحتلال الإسرائيلي، رغم ضراوة الضربات الإسرائيلية والأمريكية بدعم وإسناد دولي من بريطانيا وألمانيا وفرنسا.
ولعل أخر هذه الهجمات أمس الجمعة ولكنها لم تكن نهايتها، حيث أصيب عدد من الإسرائيليين وأغلق المجال الجوي في تل أبيب، عقب إطلاق صاروخ من اليمن أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم اعتراضه.
وقال جهاز الإسعاف الإسرائيلي “نجمة داود الحمراء” في بيان، إن عددا لم يحدده من الأشخاص أصيبوا بجروح نتيجة حوادث وقعت أثناء توجههم إلى الملاجئ عقب إطلاق الصاروخ.
إلى أي مدى تصل قدرات الحوثي؟
صفارات الإنذار التي دوت في عدة مناطق وسط إسرائيل جراء الصاروخ الذي قالت إنه تفكك في الأجواء إلى عدة شظايا، مازالت تدوي في وسائل الإعلام الإسرائيلية، متسائلة عن مدى قدرات جماعة الحوثي الصاروخية، وماهي تأثيرات الضربات الإسرائيلية الحقيقي على هذه القدرات، بعد الزعم بتدميرها كاملة.
في الوقت الذي تظهر صواريخ الحوثي كذب الدعايا الإسرائيلية لحكومة بنيامين نتنياهو، واستمرار التأثير اليمني على حرب غزة من خلال جبهة الإسناد الوحيدة المتبقية التي تتزعمها جماعة الحوثي.
وأبرز ما تمتلكه جماعة الحوثي من قدرات تسليحية،
1. الصواريخ الباليستية
سكود (Hwasong-6/Scud-B/C) مطوّرة محليًا: حصل الحوثيون على مخزون قديم من الجيش اليمني، ثم جرى تعديله لمدى يصل إلى 600–800 كم.
صواريخ “بركان” (Burkan-1 / Burkan-2H): نسخة معدّلة من “سكود” أو “قيام” الإيراني، بمدى 700–1000 كم، استُخدمت لضرب العمق السعودي وحتى محيط الرياض.
صاروخ “طويل المدى” (قدس/بركان-3): صاروخ باليستي يُعتقد أنه مشتق من صواريخ إيرانية مثل “قيام” و”شهاب”، ويُزعم أن مداه قد يصل إلى 1300–1500 كم، ما يتيح تهديد إسرائيل.
دقّة الإصابة: تطوّرت تدريجيًا، لكنها لا تزال أقل من دقة الصواريخ الإسرائيلية أو الغربية، ما يجعلها سلاح “إرهاب استراتيجي” أكثر من كونه دقيقًا.
2. صواريخ كروز
صاروخ “قدس” (Quds-1 / Quds-2): يشبه صواريخ كروز الإيرانية (سومار/يا علي)، مداه يُقدَّر بين 700–1200 كم. استُخدم ضد السعودية والإمارات، ولاحقًا ضد أهداف إسرائيلية.
القدرات: منخفضة السرعة (subsonic) لكن بمدى طويل وقدرة على التحليق المنخفض لتفادي الرادارات.
3. الطائرات المسيّرة (الدرونز)
مسيّرات انتحارية (Suicide Drones): مثل قاصف-1، قاصف-2K، وصماد-3، بمديات تتراوح من 150 كم حتى أكثر من 1500 كم.
الاستخدام: استُخدمت بكثافة ضد المطارات السعودية (أبها، جيزان)، ضد الإمارات (أبوظبي 2022)، وضد تل أبيب في 2024.
خصائص: زهيدة الكلفة مقارنة بوسائل الدفاع الجوي، ما يجعلها وسيلة فعّالة في الاستنزاف.
4. الطائرات والصواريخ المضادة للسفن
صواريخ كروز بحرية: مثل نور (مشتق من C-802 الصيني الإيراني)، استُخدمت لمهاجمة سفن حربية وتجارية في البحر الأحمر.
زوارق مفخخة مسيّرة عن بعد (USVs): قوارب متفجرة انتحارية موجّهة، نجحت أحيانًا في إحداث أضرار بسفن.
ألغام بحرية: زُرعت في البحر الأحمر وتهدد الملاحة.
5. الدفاع الجوي
قدراتهم هنا محدودة نسبيًا، لكن سُجّلت محاولات باستخدام:
منظومات SA-2/SA-6 قديمة معدّلة.
صواريخ أرض-جو محلية (مثل ثاقب-1/2/3): غالبًا معدلة من صواريخ جو-جو سوفييتية قديمة (R-27/R-73).
لم تشكّل تهديدًا كبيرًا للطيران السعودي أو الأميركي، لكنها تُعقّد العمليات الجوية أحيانًا.
6. الأسلحة التقليدية
ترسانة كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة: بنادق كلاشينكوف، مدافع رشاشة، قذائف هاون.
مدفعية ميدان وصواريخ قصيرة المدى (كاتيوشا/غراد): ما زالت تُستخدم بكثافة على الحدود اليمنية-السعودية.
دبابات وعربات مدرعة قديمة: معظمها من مخزون الجيش اليمني السابق (T-55, BMP-1)، لكنها محدودة في القيمة العملياتية.
8. الدعم الخارجي من إيران وإن توقف حاليا
إيران: المصدر الرئيس للتكنولوجيا والتصاميم (نماذج مطابقة أو شبه مطابقة لصواريخ إيرانية).
حزب الله: خبرة في تشغيل وصيانة المسيّرات والصواريخ.
شبكات تهريب إقليمية عبر عُمان، القرن الأفريقي، والبحر الأحمر.
كيف تطوّرت هجمات الحوثي زمنيًّا رغم الضربات الإسرائيلية؟
وبالرغم من الضربات الإسرائيلية القاسية على مواقع للحوثيين باليمن وتدمير البنية التحتية لكثير من الموانئ والمرافق الحيوية الهامة، لم تنفك هجمات الحوثي على تل أبيب من الانتهاء، بالرغم من زعم حكومة نتنياهو بتدميرها بشكل كلي مع أول هجوم لتل أبيب على اليمن.
فمنذ دخول جماعي الحوثي في المعركة لإسناد غزة، يوم 17 أكتوبر 2023، والرد الإسرائيلي عليها، مازالت هجمات الحوثي مستمرة.
ففي 31 أكتوبر 2023 أعلنت جماعة الحوثي إطلاق “عدد كبير” من المُسيّرات والصواريخ نحو إسرائيل .
واستمرت هجمات الحوثي على تل أبيب ومن بينها يوم 3 يونيو 2024 بعدما أعلنت إسرائيل اعتراض صاروخ باليستي كان متجهًا لإيلات.
وفي 19–20 يوليو 2024 مُسيّرة تُصيب تل أبيب؛ بعد أقل من 24 ساعة على ضرب إسرائيل أهدافًا حوثية قرب ميناء الحُديدة (قُتل وأُصيب عشرات).
وفي سبتمبر 2024 صاروخ باليستي وصل الأجواء الإسرائيلية وتفكك دون خسائر .
وفي 4 مايو 2025: سقوط صاروخ قرب مطار بن غوريون وتعطّل واسع للرحلات الجوية الإسرائيلية.
وفي يوم الجمعة 22 أغسطس أطلقت جماعة الحوثي صاروخ باليستي على إسرائيل، ما أدى لإصابة العديد من الإسرائيليين وسقطت إحدى الشظايا سقطت في مستوطنة “موديعين” قرب تل أبيب، و سقوط عدة شظايا أخرى في مناطق وسط إسرائيل.
يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي اعتراض طائرة مسيرة أطلقت من اليمن، ما أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.
كما تشن جماعة الحوثي هجمات متواصلة على إسرائيل دعما لغزة، باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة، كما تستهدف السفن المرتبطة بها أو المتجهة نحوها.
وفي 27 يوليو الماضي، قررت “الحوثي” تصعيد عملياتها العسكرية البحرية ضد إسرائيل عبر “استهداف كافة السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ العدو الإسرائيلي بغض النظر عن جنسية تلك الشركة”، لدعم قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية إسرائيلية بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر 2023.
لماذا استمرّت الهجمات رغم الضربات الإسرائيلية والدولية؟
1/مرونة المنظومة الحوثية وتكيّفها الصناعي/التكتيكي:
تحوّلت ترسانة الحوثيين إلى تهديد إقليمي بمديات أطول (تعديلات على سكود/قيام محليّة، وصواريخ كروز ومُسيّرات انتحارية)، ما يسمح بإطلاقات بعيدة ومتنقلة تُصعّب تدمير “مركز الثقل”.
2/محدودية أثر الحملات الجوية على المدى البعيد:
أظهرت تقييمات مستقلّة لعمليات القصف الأميركية-البريطانية ضد الحوثيين تقليصًا مؤقتًا لوتيرة النيران دون إنهاء القدرة؛ البُنى قابلة للإصلاح والوسائط موزّعة ومُموّهة.
3/الدعم الخارجي وشبكات الإمداد:
تُشير التحليلات إلى استمرار خطوط المعرفة التي نجحت في استيراد تقنية صناعة عدد من طرازات الصواريخ الباليستية (إيرانية بالأساس)، ما يُعيد توليد القدرات حتى بعد الضربات.
4/كُلّما ضُرِبت زادت الدوافع السياسية/الدعائية:
كشف تحليل لـ بي بي سي أن نمط التدخلات قد عزّز سردية الحوثيين داخليًّا وأتاح لهم تجييشًا أوسع، ما يساعدهم على تحمّل كلفة الضربات ومواصلة إطلاق النار.
5/الاستهداف البحري كمسار بديل مستمر:
حتى مع تعذر إصابة أهداف داخل إسرائيل، أبقى الحوثيون ضغطًا عبر استهداف الملاحة في البحر الأحمر/باب المندب (نحو 500 هجمة منذ حرب غزة بحسب تقدير تراكمي)، ما يحافظ على الزخم ويستدر تدخلات دفاعية مُكلفة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و263 قتيلا، و157 ألفا و365 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 273 شخصا، بينهم 112 طفلا.