حوار: السيد التيجاني
قال السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق في تصريحات خاصة لجريدة الأمة الإلكترونية أن ما يجري لا يمكن وصفه بمفاوضات، بل “إملاءات صهيونية تحت تهديد السلاح”، تهدف إلى كسب الوقت ودفع سكان القطاع نحو التهجير إلى سيناء، ضمن ما وصفه بمخطط قديم مرتبط بفكرة “إسرائيل الكبرى”.
وأضاف مساعد وزير الخارجية أن الممارسات الإسرائيلية الحالية امتداد لتصورات كشفت عنها تقارير بحثية صهيونية منذ الثمانينيات، مؤكداً أن الخطر يهدد المنطقة بأكملها.
وحول المواقف الدولية، أوضح مرزوق أن الرأي العام الغربي يشهد تحولاً متسارعاً ضد إسرائيل، بينما الموقف العربي لا يزال ضعيفاً، مشيراً إلى أهمية الضغوط الشعبية العالمية، لكنها تحتاج إلى دعم دبلوماسي وسياسي واقتصادي إقليمي ليكون لها تأثير فعلي.
أمنياً، رأى أن استمرار العمليات العسكرية منذ قرابة عامين يعكس فشلاً تكتيكياً بعد انهيار نظرية الردع الإسرائيلية، مع صعود معادلة “توازن الرعب” لصالح المقاومة الفلسطينية وحروب العصابات على حساب الجيوش النظامية. وإلي نص الحوار
●كيف تنظرون إلى المفاوضات الجارية بشأن غزة؟ هل تراها مفاوضات واقعية قد تُفضي إلى نتائج ملموسة، أم أنها مجرد إدارة مؤقتة للأزمة؟
■■ بداية هل يمكن أن نطلق علي ما يجري إسم مفاوضات ؟، بينما احد الطرفين يحمل مسدساً ويوجهه لرأس الطرف الآخر؟
هذه ليست مفاوضات ، وإنما إملاءات من العصابة الصهيونية التي اختطفت غزة، واحتجزت أهلها رهائن أمام عين وسمع المجتمع الدولي ، وبشهادة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.
ذلك في تقديري تكتيك لشراء الوقت ، حتي ينتهي الجزار من مهمته ، وينجح في النهاية لدفع أغلب سكان القطاع للهروب إلي سيناء ، وتلك هي خطة نتنياهو منذ البداية.
● يُتداول كثيرًا مصطلح “إسرائيل الكبرى” أو المخططات الإسرائيلية طويلة الأمد في المنطقة؛ هل ترون أن السياسات الحالية في غزة والضفة مرتبطة بهذا التصور الاستراتيجي؟
■■ لقد سبق لي أن كتبت في نهاية نالثمانينيات من القرن الماضي عن مخطط صهيوني ، كشفت عنه بعض مراكز البحث الصهيونية، وأشهرها تقرير”كيفونيم ” الذي كان واضحاً وافصح عن مراحل المخطط ، بل وأرفق خرائط لتقسيم دول المنطقة لا تختلف كثيرا عما يعلن الآن.
ما يحدث في غزة والضفة الغربية وسوريا ، ما هو إلا المقدمة التي كتبوا عنها قبل نصف قرن ، والخطوات التالية تشمل لبنان والحجاز والأردن والعراق .. بنفس الترتيب تقريبا ،تمهيدا للجائزة الكبري في سيناء وحتي محافظة الشرقية .
لقد كتب هتلر خطته كاملة في كتابه ” كفاحي “، ورأي بعض المؤرخين أنه لو قرأ قادة الغرب ذلك الكتاب لأمكن الحيلولة دون نشوب الحرب العالمية الثانية .
ولقد كتبت كثيرا حول أهمية أن نقرأ خطط الصهاينة ، ونعد الخطط المضادة ، ولكن فيما يبدو صدقت في العرب مقولة سئ الذكر موشي دايان التي قال فيها ” العرب لا يقرأون ” ، وأضيف : ” وإذا قرأوا قد لا يفهمون ” .
■ كيف تقيمون المواقف الدولية الرسمية تجاه ما يجري في غزة؟ وهل هناك انقسام واضح بين الموقف الغربي والمواقف الإقليمية أو منظمات دولية أخرى؟
■■ الموقف الدولي يتطور بشكل أسرع من الموقف الإقليمي ، وهناك تحول واضح للرأي العام الغربي ضد ممارسات النظام الصهيوني الوحشية ، ولكن لا يزال الموقف العربي أضعف كثيراً مما ينبغي في مواجهة خطر يتهدد الأمن الإقليمي كله .
■ ما هو تأثير المواقف الشعبية العالمية المتضامنة مع الفلسطينيين على مسار الأحداث؟ وهل يمكن أن تشكل هذه الضغوط الشعبية قوة مؤثرة على الحكومات؟
■■ الضغوط الشعبية العالمية هامة ، ومتحول رئيسي فيما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط ،إلا أنه لا يكفي وحده للضغط علي الحكومات ، بل يجب أن تصاحبه ضغوط دبلوماسية وسياسية وإقتصادية من داخل الإقليم ، تساعد علي بلورة الأثر التخريبي للنظام الصهيوني ً
■ من زاوية أمنية، كيف يمكن فهم حسابات إسرائيل في غزة؟ وهل استمرار العمليات العسكرية يعكس فشلًا في إيجاد حلول سياسية أم أنه خيار استراتيجي طويل الأمد؟
■■ استمرار العمليات العسكرية لمدة قاربت علي عامين ، تعكس فشلاً تكتيكياً بلا جدال ، بعد الفشل الإستراتيجي بعد ضربة السابع من أكتوبر ، لقد هزمت نظرية الردع الإسرائيلية ، وحل محلها توازن الرعب في معادلة جديدة ترجح فيها كفة حروب العصابات علي الجيوش النظامية ، وذلك عنصر هام في صالح المقاومة الفلسطينية والعربية .