أرسلت لي اليوم إحدى الأخوات الفاضلات فيديو لشيخ لا أعرفه يحرّم فيه هذه الجمعيات مستدلا بقاعدة (كل قرض جرّ نفعا فهو ربا)، وكنت قد سمعت سابقا عن عالم معروف أنه يقول بمثل هذا القول.
وصورة هذه المسألة: أن يتفق مثلا عشرة موظفين على مبلغ محدد يدفعه كل واحد منهم بداية كل شهر، ليستلم هذا المجموع أحدهم في الشهر الأول، ثم يستلمه الثاني في الشهر الثاني وهكذا، بلا أدنى زيادة، فأنت دفعت عشرة آلاف مقسطة واستلمتها عشرة آلاف مجموعة، في الوقت المتفق عليه.
وخلاصة ما يطمئن إليه قلبي أن هذا العمل مباح ولا شبهة فيه.
أما قاعدة (كل قرض جرّ نفعا فهو ربا) فليس هذا معناها، بل معناها؛ وجود زيادة مشروطة على المبلغ، كمن يقرض شخصا ألفا ويشترط عليه أن يرجعه له ألفا ومائة.
أما الفوائد الأخرى مثل تسهيل بعض المعاملات للمقرض، والحفاظ على ماله بيد أمينة خاصة إذا كان على سفر ونحوه، وانتشار سمعته الحسنة، وشكر المقترض له، فهذه كلها فوائد مشروعة، والإسلام ليس ضد هذه الفوائد أبدا، وإنما هو ضد الفائدة التي تضر بالمقترض وتحمله فوق المبلغ الذي اقترضه.
وأما دخول هذه المسألة فيما عرف بقولهم (أقرضني أقرضك) فلا أراه كذلك، لاختلاف الصورتين، مع أن هذا القول نفسه ليس قاطعا، وإنما احتاط به بعض الفقهاء عن إلزام المقترض بشرط خارج عن مقتضى القرض أصلا، أما إذا كان هذا من باب رد الجميل، فأنا أقرضك إذا احتجت أنت، وأنت تقرضني إذا احتجت أنا فهذا من الفضائل والتكافل المحمود، وفيه الأجر إن شاء الله.
والله تعالى أعلم