في ظل التصعيد المستمر مع الولايات المتحدة، دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو المواطنين إلى التطوع والانضمام إلى صفوف الميليشيا البوليفارية لمواجهة ما وصفه بـ”التهديد الأميركي”، وذلك بعد أن رصدت واشنطن مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى اعتقاله.
وشهدت العاصمة كاراكاس، السبت، اصطفاف آلاف المدنيين من موظفي الخدمة العامة وربات البيوت والمتقاعدين أمام مراكز التسجيل، استجابة لدعوة مادورو للانخراط في الميليشيات الشعبية استعدادًا لمواجهة أي “غزو أميركي محتمل”.
أُقيمت مراكز التطوع في ساحات العاصمة والمباني العسكرية والحكومية، إضافة إلى قصر ميرافلوريس الرئاسي. كما أُتيح التسجيل في “ثكنة الجبل”، التي تضم ضريح الرئيس الراحل هوغو تشافيز، الزعيم الاشتراكي الذي حكم البلاد منذ 1999 حتى وفاته عام 2013.
وتحدث أحد أفراد الميليشيا، وهو يرتدي زيًّا مموهًا، إلى المتقدمين بالأسئلة حول خبراتهم العسكرية، بينما أكد متطوعون مثل أوسكار ماثيوس (66 عامًا) أن مشاركتهم تأتي “دفاعًا عن الوطن واستعدادًا لأي طارئ”.
المتطوعة روزي بارافابيث (51 عامًا) قالت: “الوطن ينادينا… نحن هنا لأن فنزويلا بحاجة إلينا”.
وردد المتطوعون أثناء التسجيل شعارًا جماعيًا: “أتطوع من أجل فنزويلا… يعيش الوطن!”.
بعد عملية التسجيل، عُرض على المتطوعين فيلم وثائقي يوثق الحصار الأوروبي لسواحل فنزويلا بين عامي 1902 و1903 حين رفض الرئيس سيبريانو كاسترو سداد ديون خارجية. وأظهر الفيلم مزارعين مسلحين يواجهون سفنًا حربية في الأفق، في إشارة رمزية للتحديات التاريخية التي واجهتها البلاد.
كما جرى عرض مجموعة من الأسلحة أمام المتطوعين، بينها مدفع رشاش أميركي الصنع، قاذفة قنابل يدوية سويدية، قاذفة RPG سوفياتية، ومدفع رشاش بلجيكي. وقدّم ضباط الجيش شرحًا عمليًا لكيفية استخدام هذه الأسلحة، وسط تفاعل وأسئلة من الحاضرين.
الرئيس الفنزويلي أكد هذا الأسبوع أن الميليشيا البوليفارية تضم أكثر من 4.5 مليون متطوع مسلح، فيما تشير تقديرات مستقلة من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن العدد الفعلي في عام 2020 بلغ نحو 343 ألف عنصر فقط.
القوات المسلحة الفنزويلية، التي يُطلق عليها “الجيش البوليفاري”، لا تخفي انحيازها السياسي الواضح لنهج مادورو واستمرار إرث تشافيز.
واشنطن كانت قد صعّدت مؤخرًا ضغوطها على مادورو، إذ ضاعفت المكافأة المرصودة للقبض عليه إلى 50 مليون دولار، متهمة إياه بقيادة “كارتيل الشمس”، وهي شبكة متورطة في تهريب المخدرات وصنفتها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.
كما نشرت الإدارة الأميركية ثلاث سفن حربية قبالة السواحل الفنزويلية تحت ذريعة مكافحة المخدرات.
ورد مادورو على هذه الخطوات بوصفها محاولة “غير قانونية وغير أخلاقية” لـ”تغيير النظام بالقوة”، معتبرًا إياها “هجومًا إرهابيًا عسكريًا على فنزويلا”.
الخطوات الأميركية أثارت قلقًا داخل الشارع الفنزويلي، رغم أن خبراء عسكريين استبعدوا إمكانية حدوث تدخل مباشر في المدى القريب. في المقابل، دعت المعارضة الفنزويلية المواطنين إلى عدم الالتحاق بالميليشيات، متهمة النظام باستخدام هذه الدعوات لحشد الولاء السياسي أكثر من كونها استعدادًا عسكريًا فعليًا.