استضافت بلدية الحي السابع عشر في باريس مؤتمراً بارزاً، ألقى الضوء على تزايد الإعدامات والانتهاكات الحقوقية المروعة في إيران، معتبراً إياه تحذيراً عاجلاً من تكرار مجزرة 1988.
وقد نظّم المؤتمر اللجنة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران بالتعاون مع بلدية باريس 17 ومجلس أعيان فرنسا من أجل إيران الديمقراطية، حيث جذبت الفعالية انتباه العالم إلى تصاعد القمع الذي تمارسه السلطات الإيرانية.
شارك في المؤتمر نخبة من الخبراء القانونيين الدوليين وداعمي حقوق الإنسان، مما أبرز جدية الوضع في إيران. من بين المتحدثين: الأستاذ جافيد رحمان، الخبير الخاص السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران؛ مارك إليس، المدير التنفيذي للاتحاد الدولي للشركات القانونية؛
كما شاركت في فاعليات المؤتمر هيرتا داوبلر-جملاين، وزيرة العدل الألمانية السابقة؛ فولفغانغ شومبورغ، القاضي السابق في المحكمة الاتحادية الألمانية والمحاكم الجنائية الدولية؛ دومينيك أتياس، رئيسة الاتحاد الأوروبي للشركات القانونية السابقة؛ جان-فرانسوا ليجاريه، رئيس مؤسسة دراسات الشرق الأوسط؛ جيلبر ميتيران، رئيس مؤسسة فرانسوا متيران؛ يواكيم روكر،
ومن ضمن المشاركين كذلك الرئيس السابق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ سونيا بيسركو، مؤسسة ولجنة هلسنكي لحقوق الإنسان في صربيا وأحد أعضاء لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية السابقة؛ وألان فيفيان، الوزير الفرنسي السابق.

وقد ألقت السيدة مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المختارة، كلمة رئيسية أطرت دعوة المؤتمر العاجلة لتحقيق العدالة وإعادة تقييم سياسة الغرب تجاه النظام الإيراني.
وقال رجوي أن الفعالية جاءت في ذكرى مجزرة 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30,000 سجين سياسي في إيران، حيث عُرضت معرض قوي يصور بشاعة القمع تحت حكم النظام الإيراني.
ركز المؤتمر على موجة الإعدامات الأخيرة، التي شملت ما لا يقل عن 108 إعدامات في يوليو فقط، وأكثر من 1630 إعداماً خلال السنة الأولى من ولاية الرئيس مسعود بيزنكيان.
تحدث جيوفوار بولار، عمدة الحي السابع عشر في باريس، إلى جانب عدد من أعيان فرنسا الآخرين، حيث عبروا عن دعم قوي لخطة السيدة رجوي العشرية لإيران حرة وديمقراطية، مؤكدين أهمية التضامن الدولي مع طموحات الشعب الإيراني لإيران حرة وديمقراطية.
وقال بولار: “أدين عقوبة الإعدام في إيران بشدة وقررت دعم خطة السيدة مريم رجوي العشرية بشكل غير مشروط – ونحن نشعر بالفخر بوجودها بيننا اليوم. تطالب هذه الخطة بإلغاء عقوبة الإعدام، وتعزز المساواة بين الرجال والنساء، وتطالب بفصل الدين عن الدولة”.
فيما أبرزت رجوي حملة القمع المطولة للنظام: “خلال أكثر من أربعة عقود، شن النظام الديني في بلدي حملة قمع ودماء ضد شعب إيران دون أن يواجه المسؤولية قط. خلال سنة واحدة من رئاسة مسعود بيزنكيان – الذي قدمه النظام ك’معتدل’ – تم تنفيذ ما لا يقل عن 1630 إعداماً”.
ذكرت: “الذين يرتكبون هذه الجرائم اليوم هم نفس الأفراد الذين نفذوا القتل الجماعي في الثمانينيات، وأبرزها مجزرة 1988، ولم يحاسبوا أبداً. في تلك الفترة، أعدم النظام عشرات الآلاف من معارضيه، وفي 1988، أصدر الخميني فتوى أطلقت العنان لمجزرة 30,000 سجين سياسي – غالبيتهم من أعضاء تنظيم المنظمة الشعبية لمقاومة إيران”.
أكدت السيدة مريم رجوي: “الأرواح التي بذلت من أجل حرية إيران والمعاناة التي احتملها الشعب الإيراني خلال الأربعة عقود الماضية ازهرت في رؤية المقاومة الإيرانية لإيران حرة.
وأوضحت أن هذه الرؤية ترسم مستقبلاً لإيران يتمتع فيه جميع المواطنين بحرية كاملة مضمونة بإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية منع التعذيب، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
واشارت إلي التزام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بتنفيذ هذه المبادئ، بما في ذلك إلغاء عقوبة الإعدام، ومنع جميع أشكال التعذيب، وتوفير حرية التعبير والمعتقد والدين والصحافة والفضاء السيبراني والأحزاب السياسية والنقابات، وتحويل وسائل الإعلام الحكومية إلى منصات للمعلومات الحرة غير المقيدة، وإلغاء القوانين الدينية،

من جانبه أكد جيلبر ميتيران، رئيس مؤسسة فرانسوا ميتيران، شدد على أن المجتمع الدولي فشل في 1988 بالصمت أمام الإعدامات الجماعية في إيران – ولا يجب تكرار هذا الخطأ اليوم. قدم التحية لدانيال ميتيران، واصفاً إياه بمدافع عن حقوق الإنسان والعدالة، مؤكداً دعم المؤسسة المستمر للسيدة مريم رجوي ونضال الشعب الإيراني من أجل الحرية.
جافيد رحمان، الخبير الخاص السابق للأمم المتحدة، قدم اتهاماً قوياً للنظام الإيراني بسبب تصاعد وحشيته، واصفاً سجله الحقوقي بـ”المروع”، خاصة بعد الحرب البالغة 12 يوماً مع إسرائيل، حيث استهدفت السلطات السجناء السياسيين بالإعدام.
أشار إلى إعدام بِهروز إحساني ومهدي حسيني سراً في 27 يوليو 2025 بسبب ارتباطهما المزعوم بتنظيم المنظمة الشعبية، بعد التعذيب وتهديد عائلاتهما. حذر رحمان من أن آخرين يواجهون الإعدام المحدق، بما في ذلك خمسة سجناء نُقلوا قسرياً في 8 أغسطس، وشريفة محمدي التي أُكد حكمها بالإعدام في 16 أغسطس بمخالفة معايير المحاكمة العادلة.
استنكر رحمان استخدام الإعدامات الجماعية والتعذيب والتهجير القسري كجزء من نمط منهجي يذكر بمجزرة 1988. أبرز تحرير وكالة الأنباء التابعة للحرس الثوري “فارس” في 7 يوليو الذي وصف القتل في 1988 بـ”تجربة تاريخية ناجحة” ودعا لتكراره، مؤكداً أن ثقافة الإفلات من العقاب تنبع من فشل المجتمع الدولي في محاسبة الجناة.
وبدورها شدد ألان فيفيان، الوزير الفرنسي السابق ورئيس الوكالة الحكومية المكافحة للطوائف، على الحاجة الملحة للتعبئة الجماعية – سياسية وغير سياسية – للحفاظ على الضغط على النظام الإيراني، الذي وصفه بقادر على ارتكاب أي جريمة، خاصة اختطاف الرهائن.
وحذر من سعي النظام للسلاح النووي، مؤكداً أن نجاحه سيؤدي إلى عواقب وخيمة للجميع، داعياً إلى اتخاذ إجراء فوري، ومطالباً المواطنين بضغط قادتهم السياسيين وتجنب الوقوع في مفاوضات لا نهائية، مثل تلك القائمة حالياً، وداعياً إلى رد دولي موحد وحازم لمواجهة تهديدات النظام.