أظهر اجتماع اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في مدينة مينيابوليس حجم الانقسام داخل الحزب حول إسرائيل والحرب في غزة، إذ احتدم النقاش بين الأعضاء بشأن مدى المضي في توجيه انتقادات لإسرائيل على سلوكها في ساحة المعركة.
لكن رئيس اللجنة، كين مارتن، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز فاجأ الجميع حين تراجع عن مقترحه الخاص، محيلًا القضية إلى لجنة عمل لمواصلة النقاش لاحقًا، في إقرار ضمني باستمرار الانقسامات داخل الحزب.
قال مارتن: “هناك انقسام في حزبنا حول هذه المسألة. علينا أن نجد طريقًا للمضي قدمًا كحزب وأن نظل موحدين”.
وجاء تصريحه خلال جلسة صباحية ناقش فيها الأعضاء مشروعين متعارضين من القرارات.

أما المشروع الأول، الذي دعمه عدد من الشباب في الحزب بمن فيهم قادة اتحاد طلاب الجامعات والثانويات الديمقراطيين، فقد دعا المسؤولين المنتخبين في الحزب إلى تأييد فرض حظر سلاح على إسرائيل ووقف المساعدات العسكرية لها والاعتراف بدولة فلسطين.
أما المشروع الثاني، الذي دعمه مارتن وحلفاؤه في لجنة القرارات، فقد تبنى موقفًا وسطًا، إذ دعا إلى تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، ووقف إطلاق النار فورًا، والإفراج عن الرهائن الذين أُسروا في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتوجه نحو “مسار تفاوضي جاد نحو حل الدولتين”.
وقد جرى تمرير قرار مارتن بالإجماع ودون نقاش، بينما أثار المشروع الآخر نقاشًا عاطفيًا حادًا لكنه فشل في النهاية، مع تسجيل عدد من الامتناعات عن التصويت. وبعد ذلك، أعلن مارتن أن الحزب بحاجة إلى مزيد من النقاش، محيلًا القضية إلى لجنة خاصة لتجنب مواجهة حادة في الجلسة العامة يوم الأربعاء.
وجاء اجتماع الديمقراطيين بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ما أضعف التحالفات التقليدية لإسرائيل في الولايات المتحدة والعالم.
فقد بدأت عدة دول حليفة لواشنطن، مستاءة من تكتيكات الجيش الإسرائيلي ومشاهد الأطفال الجوعى في غزة، بالتحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين. كما ارتفعت أصوات حاخامات أميركيين غاضبين، فيما يؤكد خبراء أن غزة دخلت رسميًا في حالة مجاعة. وفي داخل الحزب، وجهت بعض الفروع المحلية وأعضاء في مجلس الشيوخ انتقادات علنية لإسرائيل.
قال سونجاي موراليثاران، رئيس اتحاد طلاب الجامعات الديمقراطيين: “هناك فجوة متزايدة بين قيادة الحزب والشباب أولًا، لكنها الآن تتسرب إلى القاعدة الانتخابية الأوسع”.

بعض الأعضاء اعتبروا أن القرار الذي فشل كان منحازًا ولم يتطرق إلى الرهائن أو هجمات حماس في 7 أكتوبر. جرت محاولة لتعديله بإضافة الدعوة إلى إعادة الرهائن، وتقييد حظر السلاح ليقتصر على الأسلحة الهجومية، والتأكيد على الالتزام بحل الدولتين، لكن اللجنة رفضت هذه التعديلات. آخرون تمنوا لو أن الحزب تجنب الخوض في ملف الحرب أصلًا للتركيز على توحيد الصفوف ضد الرئيس دونالد ترامب.
في المقابل، قال مؤيدو القرار الأكثر تشددًا إنه من الضروري للحزب أن يعيد النظر في دعمه لإسرائيل التي تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية. قالت أليسون مينرلي، عضو اللجنة البالغة 26 عامًا من فلوريدا، والتي قدمت المقترح: “القضية لن تختفي. الناخبون الديمقراطيون يطالبون باستجابة عاجلة، وعلى الحزب أن يتحمل مسؤوليته”.
ورغم أن مقترحها فشل، عاد مارتن بعد نقاش قصير معها ليعلن سحب قراره الخاص أيضًا، ما ترك المسألة عالقة. علقت مينرلي بالقول إنها “محبطة” من عدم حسم النقاش، مؤكدة أن إطالة أمده سيزيد من شكوك الناخبين ويستدعي استعادة الثقة.
بينما أظهر استطلاع غالوب الشهر الماضي أن 8% فقط من الديمقراطيين يؤيدون أفعال إسرائيل في غزة، مقابل 71% من الجمهوريين. ومع أن القضية تثير انقسامًا داخليًا، فإنها أيضًا تلقي بظلالها على الانتخابات التشريعية لعام 2026 في ولايات مثل مين ومشيغن وجورجيا.
فيما يضغط الجناح اليساري داخل الحزب لاتخاذ موقف أشد صرامة تجاه إسرائيل، هناك ضغوط مضادة من جماعات داعمة لإسرائيل وناخبين يهود معتدلين يشعرون بالقلق من ما يعتبرونه عداءً متزايدًا تجاه إسرائيل داخل الحزب. هؤلاء يعارضون نتنياهو ويكرهون سياسات ترامب، لكنهم يخشون من تصاعد معاداة السامية في أقصى اليمين واليسار.
وفي خطوة لطمأنة القواعد، أقرّت اللجنة بالإجماع قرارات ضد معاداة السامية والإسلاموفوبيا. قالت ليزا جويل، رئيسة التجمع اليهودي في الحزب الديمقراطي بولاية نورث كارولاينا: “اليهود بحاجة إلى مساحة آمنة داخل هذا الحزب”.
أما بريان روميك، رئيس مجموعة “الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل”، فرأى في نتيجة الاجتماع انتصارًا، قائلًا: “لا يمكنك إلغاء تصويت حدث بالفعل. كلنا رأيناه”.