في مدينة تيانجين الصينية، وقّع نائب رئيس الوزراء الباكستاني إسحاق دار ووزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان بياناً مشتركاً يقضي بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل رسمي، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية وغير مسبوقة.
الاحتفال الذي جرى بهذه المناسبة عكس أهمية التحول، حيث شدد الجانبان على التزامهما بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، واتفقا على تعزيز التعاون في مجالات متعددة تشمل الاقتصاد والتعليم والثقافة والسياحة، إضافة إلى الرغبة في التنسيق على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف.
تاريخياً، امتنعت باكستان منذ عام 1991 عن الاعتراف بأرمينيا بسبب موقفها الداعم لأذربيجان في نزاع ناغورنو كاراباخ.
وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، ظلت إسلام آباد واحدة من الدول القليلة التي لم تربطها علاقات رسمية مع يريفان، ما يجعل الإعلان الجديد نقطة تحول لافتة.
خطوة إقامة العلاقات تعكس تغيراً في نهج السياسة الخارجية الباكستانية، حيث تسعى إسلام آباد إلى الانفتاح على دول جنوب القوقاز وتوسيع شبكة تحالفاتها بما يتجاوز الاصطفافات التقليدية.
ويأتي هذا ضمن سياق دولي أوسع، خاصة مع انعقاد القمة الحالية لمنظمة شنغهاي للتعاون في الصين، التي تجمع قادة من روسيا وآسيا الوسطى وتركيا.
يرى مراقبون أن التحرك قد يحمل أبعاداً إقليمية معقدة، إذ قد تراقبه باكو وأنقرة عن قرب، باعتبارهما حليفين تقليديين لباكستان.
غير أن هذه الخطوة قد لا تعني تراجعاً عن دعم أذربيجان بقدر ما تعكس براغماتية جديدة تسعى من خلالها إسلام آباد لتأمين مصالحها الإستراتيجية.
من جهة أخرى، تنظر أرمينيا إلى هذه العلاقة الوليدة كفرصة لكسر عزلتها في محيطها الإقليمي، ولبناء جسور مع العالم الإسلامي عبر باكستان.
وهذا قد يفتح لها أبواباً جديدة للتعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي على نطاق أوسع.
المستقبل سيحدد ما إذا كانت هذه العلاقات ستترجم إلى مشاريع ملموسة وشراكات فاعلة، لكن المؤكد أن التوقيع في تيانجين يمثل حدثاً تاريخياً قد يغير ملامح التوازنات الدبلوماسية في جنوب القوقاز وما حولها.