ألقى رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي كلمة قوية نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون (SCO Plus) في مدينة تيانجين الصينية، حيث أدان بشدة الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وأكد على ضرورة إصلاح النظام العالمي ليكون أكثر عدالة. جاءت الكلمة في سياق دولي حساس يشهد تآكل مصداقية النظام متعدد الأطراف، مما يعكس دور مصر المحوري في الدفاع عن القضية الفلسطينية وتعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي.
أشار مدبولي إلى أن الحرب الإسرائيلية في غزة أسفرت عن مقتل حوالي 60,000 مدني وإصابة 119,000 آخرين، واصفًا إياها بحرب تهدف إلى التجويع وتصفية القضية الفلسطينية بدلاً من تحقيق أهداف سياسية. كما انتقد بشدة الجهود الإسرائيلية لجعل القطاع غير صالح للعيش، متهمًا إياها بمحاولة تهجير الفلسطينيين قسرًا. وفي الضفة الغربية، أدان عنف المستوطنين وتوسع الأنشطة الاستيطانية التي تقوض حل الدولتين، مؤكدًا أن إقامة دولة فلسطينية موحدة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.
سلط رئيس الوزراء الضوء على جهود مصر المكثفة للتوسط في وقف إطلاق النار، حاثًا إسرائيل على قبول اقتراح مؤقت لوقف الأعمال العدائية يمهد لمفاوضات إنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة وفق الخطة العربية الإسلامية. وأكد أن هذه الخطة تتطلب تعاونًا دوليًا لضمان إعادة بناء البنية التحتية وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة. وأشار إلى دور مصر في تسهيل دخول المساعدات عبر معبر رفح، داعيًا إلى زيادة شحنات المساعدات إلى 500 شاحنة أسبوعيًا لتغطية الاحتياجات الأساسية من الغذاء والدواء والمأوى.
على الصعيد العالمي، دعا مدبولي إلى إصلاح جذري للهيكل المالي الدولي، مشددًا على ضرورة زيادة التمويل الميسر للدول النامية وإيجاد حلول مستدامة لأزمة الديون. كما أعرب عن دعم مصر لمبادرات الرئيس الصيني شي جين بينغ لإصلاح النظام العالمي، مؤكدًا على أهمية تعزيز دور الأمم المتحدة في دعم القانون الدولي. وأشاد بروح شنغهاي القائمة على الثقة المتبادلة والمساواة، معتبرًا القمة منصة حيوية لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.
رغم قوة الكلمة، إلا أنها افتقرت إلى بعض التفاصيل التنفيذية. على سبيل المثال، لم يقدم مدبولي خارطة طريق واضحة لوقف إطلاق النار، مثل تحديد جدول زمني (30 يومًا مثلاً) أو أطراف وساطة محددة كمصر وقطر والأمم المتحدة. كما لم يتناول كيفية الاستفادة من منظمة شنغهاي لتكثيف الضغط الدبلوماسي على إسرائيل، مثل تشكيل فرقة عمل مشتركة مع أعضاء مثل الصين وروسيا. وغاب عن الكلمة ربط الصراع الفلسطيني بالتحديات الأمنية الإقليمية، مثل التوترات مع حزب الله، مما كان يمكن أن يبرز إلحاح الحل لمنع تصعيد أوسع. أيضًا، لم يتم توضيح تفاصيل الخطة العربية الإسلامية لإعادة الإعمار، مثل مصادر التمويل أو الجداول الزمنية.
لتحسين موقف مصر، يُوصى بتقديم خطة واضحة لوقف إطلاق النار تشمل مراحل محددة: وقف الأعمال العدائية، إطلاق سراح الرهائن، ومفاوضات إعادة الإعمار بتمويل مؤمن من دول الخليج بقيمة 10 مليارات دولار. كما يُقترح إنشاء صندوق إنساني تدعمه منظمة شنغهاي لتلبية الاحتياجات العاجلة لغزة، مع التركيز على دور مصر في تنسيق المساعدات عبر معبر رفح. على الصعيد الإقليمي، يمكن لمصر اقتراح مؤتمر أمني تحت مظلة المنظمة لمعالجة الصراعات المترابطة، بما في ذلك نزاعات الموارد المائية، مع الدعوة إلى بيان مشترك بين منظمة شنغهاي وجامعة الدول العربية لتأييد حل الدولتين. عالميًا، يُوصى بدعوة مصر لزيادة القدرة التصويتية للدول النامية في صندوق النقد والبنك الدولي، وإنشاء بنك تنمية جديد مدعوم من منظمة شنغهاي، إلى جانب مبادرة لتأجيل سداد الديون.
كلمة مصر في قمة شنغهاي عكست التزامها الثابت بالقضية الفلسطينية وقيادتها في تعزيز الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، يمكن تعزيز تأثيرها من خلال تقديم مقترحات أكثر تحديدًا واستغلال منصة المنظمة لتكثيف التعاون الإقليمي. من خلال هذه التوصيات، يمكن لمصر تعزيز دورها كقوة دبلوماسية رائدة، سواء في دعم الشعب الفلسطيني أو الدفع نحو نظام عالمي أكثر عدالة. التقرير يؤكد على أهمية استمرار مصر في قيادة الجهود الدبلوماسية والإنسانية، مع الاستفادة من شراكاتها في منظمة شنغهاي لتحقيق أهدافها الإقليمية والدولية.