مقررات الإسلام تنطق بأن المسلم إلف مألوف، وأنه أخ المؤمن يحب لغيره ما يحبه لنفسه.
مقررات الإسلام تنطق بأن المسلم لايخذل مسلما ، ولا يسبه ، ولا يعيبه ، ولا يحقد عليه ، ولا يشتمه.
ولذلك لن تجد في أوساط المسلمين الحقيقيين مجالا للحزازات والعداوات والبغضاء. فهل هذا هو واقع المسلمين اليوم؟
هل ثقافة المحبة والمودة والوئام تشيع بيننا؟ أم أننا نجيد صناعة الأعداء واصطناع الخصوم في محيطنا؟
أُسَلّم أن هناك نفوسا ضعيفة توجد في أوساطنا ، تؤذيك مهما قدمت لها من معروف، تنتقصك كلما زدتها.
أُسَلم بأن هناك نفوسا ضعيفة في أوساطنا لا تعرف لها موضع رضا لتتبعه، ولا موضع خير لتحضره.
المسلم الحق يُحوّل أعداءه إلى أولياء ، وخصومه إلى أصدقاء ، لأن التائب تبدل سيئاته حسنات ، لأن ما فات مات، والصالحات تمحو الخطيئات ، وللتوبة أسرار ، ولأصحابها أخبار ، فالتائب لا يتصيد المعائب ، ولا يطلب المثالب .
التائب يشفق على المذنبين ، ويحب التائبين، ويبغض المتكبرين .
متى نمتلك القدرة على إدراك النقاط المضيئة في الآخرين بدل التركيز على النقاط السيئة فيهم وهي قليلة.
محمد صلي الله عليه وسلم باعتناقه لهذه الفكرة أنشأ أمة تتعامل بهذا المنطق وإليكم هذه الأمثلة الثلاث:-
1- ١لسيدة عائشة رضي الله عنها شارك في رميها بالزنا حسان بن ثابت، لو أن رجلا تكلم في حق امرأة وقال عنها ذلك هل من الممكن أن تغفر له؟ لكن عائشة رضي الله عنها التى نهلت من مَعِين المصطفي صلي الله عليه وسلم كانت أسوة لنا، يدخل عليها ابن أختها فوجد حسان بن ثابت جالساً عندها فغضب وقال لها: لِمَ يجلس هذا الأعمي عندك وقد قال فيك كذا وكذا؟ فقالت له: يا ابن أختى دعه فإنه كان ينافح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، أى: يدافع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم.
٢ـ رجل يذهب إلى عمر ليشكو امرأته إلى عمر، فطرق باب عمر وإذْ به يسمع زوجة عمر تسطتيل عليه بالكلام وعمر ساكت لا يرد عليها، وهو أمير المؤمنين، فقال الرجل لنفسه إذا كانت زوجة أمير المؤمنين تصنع هذا فكيف بزوجتى؟وعاد الرجل من حيث أتى.
فتح عمر الباب ووجد الرجل وهو عائد إلى بيته يمشي، فنادى عليه ماذا تريد؟ فقال يا أمير المؤمنين جئت إليك أشكو زوجتى وقد استطالت علىَّ بسوء خلقها معى، فسمعت زوجتك تذكر لك ما تذكره، فقلت إذا كان هذا حال أمير المؤمنين فكيف حالى؟
فقال له عمر: يا أخ العرب إنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غَسّالة لثيابي، مُرضعة لولدى، ويسكن بها قلبي عن الحرام فأنا احتملها لذلك، يا رجل احتملها فإنها مدة يسيرة.
٣ـ معاوية بن أبى سفيان كلنا يعلم ما حدث بينه وبن علىّ من خصومة وصلت إلى حد الاقتتال. دخل ضرار الكنانى على معاوية بعد مقتل الإمام علىّ وقال له: يا ضِرار صف لي عليّا؟فقال ضرار: اعفنى يا أمير المؤمنين، فقال: لا، فقال ضِرار: إذْ لا بد فإنه كان والله بعيد المدي، شديد القوي، يقول فصلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستأنس بالليل وظلمته، ويستوحش من الدنيا وزهرتها، يحب المساكين، لا يطمع المبطل في ظلمه، ولا ييأس الضعيف من عدله، فبكي معاوية حتى اخضلّ لحيته ولم يستطع أن يتمالك نفسه، وجعل ينشف لحيته بكمه ويقول: رحم الله أبا الحسن كان كما تقول وأكثر.
هذه منحة من المنح تجعل من المسلم زهرة على موضع الرحيق، ولا تجعل همها من الشوك الزعيق.
ابن عياش كان يسب عمر بن ذر، فلقيه ابن عياش وظن أن عمر سيردُّ السبَّ له ، لكنه فوجئ بعمر يقول له : يا هذا لا تُفرط فى شتمنا، وأبْق للصلح موضعا ، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.
ينبغى أن نصون وُدنا،وأن نحترم ذاتنا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : مَن ذَبَّ عن لَحمِ أخيهِ في الغِيبةِ، كان حقًّا على اللهِ أنْ يُعتِقَه من النَّارِ.. أبو داوود..
( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )