بينما ترفع أوروبا شعارات التنمية والتعاون، تضع يدها الخفية على ثروات أفريقيا بلا حياء وتنهبها، فما تسميه مساعدات إنما هو استثمار مصلحي بحت، يستهدف نهب خيرات القارة السمراء تحت غطاء المبادئ الإنسانية الزائفة.، إنها معادلة استعمارية جديدة تقدم القروض لاستنزاف الموارد وتصدر الشروط الجائرة لتحقيق الهيمنة، إن أوروبا التي نهبت أفريقيا لقرون تعود اليوم بوجه جديد أكثر خبثاً وأقل إنسانية لتحويل القارة إلى سوق لسلعها ومصدر لثرواتها ومقلب لمشاكلها.
خطة تمويلية
كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة تمويلية ضخمة بقيمة 200 مليار يورو للسياسة الخارجية للاتحاد خلال السنوات السبع القادمة حيث خصصت 68 مليار دولار للقارة الأفريقية بشكل أساسي.
وتهدف الميزانية القياسية وفقا للتصريحات الرسمية إلى دعم التنمية المستدامة ومكافحة الفقر والأمن الغذائي والصحة والتعليم في أفريقيا بالإضافة إلى مشاريع الطاقة والبنية التحتية الرقمية وشبكات النقل.
وثائق رسمية
ولكن الوثائق الرسمية تربط التمويل صراحة بإدارة ملف الهجرة غير النظامية ومكافحة الأسباب الجذرية للنزوح القسري بما يخدم المصالح الاستراتيجية الأوروبية.
ويغطي البرنامج التمويلي جميع دول أفريقيا من شمال القارة إلى جنوب الصحراء بما في ذلك الدول الجزرية الصغيرة مع تخصيص برامج على المستويات الوطنية والإقليمية والقارية.
احتياطى طوارىء
كما يشمل الإطار الجديد إنشاء احتياطي طوارئ بقيمة 20 مليار يورو للتعامل مع الأزمات غير المتوقعة مستفيدا من دروس التجربة الأوروبية خلال جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
في المقابل انتقدت منظمات مجتمع مدني أوروبية تحول أولويات التمويل من مكافحة الفقر إلى خدمة الأجندة السياسية والأمنية الأوروبية محذرة من إهمال الاحتياجات الإنسانية الملحة في القارة الأفريقية.
كيف تنهب أوروبا ثروات أفريقيا؟
تعتمد الدول الأوروبية على آليات متطورة لاستنزاف ثروات أفريقيا منذ الحقبة الاستعمارية حتى اليوم بأشكال أكثر تعقيداً:
أولاً: اتفاقيات التجارة غير العادلة
– إجبار الدول الأفريقية على إزالة الحواجز الجمركية بينما تحمي أوروبا أسواقها.
– اتفاقيات الشراكة الاقتصادية التي تفتح الأسواق الأفريقية للسلع الأوروبية.
ثانياً: نهب الموارد الطبيعية
– شركات أوروبية تستخرج الثروات المعدنية والنفطية بتراخيص مُشبوهة.
– تهريب الذهب والماس والمعادن النادرة عبر قنوات غير رسمية.
ثالثاً: الديون وسياسات الابتزاز
– منح قروض مشروطة بتنفيذ سياسات تخدم المصالح الأوروبية.
– استخدام الديون كأداة ضغط سياسي واقتصادي.
رابعاً: دعم الأنظمة الفاسدة
– تمويل أنظمة ديكتاتورية مقابل الحصول على امتيازات اقتصادية.
– تغاضي دولي عن الفساد طالما يحافظ على المصالح الأوروبية.
شهادات محللين:
يؤكد البروفيسور جيسون هيكل من كلية لندن للاقتصاد: “تخرج من أفريقيا سنوياً ثروات تقدر بـ 200 مليار دولار بينما تتدفق إليها مساعدات لا تتجاوز 50 ملياراً”
ويوضح الاقتصادي دامبيسا مويو: “الغرب لا يساعد أفريقيا بل يساعد نفسه عبر استنزاف مواردها وتركها في فقر مدقع”
ويكشف الباحث لوندو مبويلو: “شركات التعدين الأوروبية تدفع ضرائب زهيدة لا تتجاوز 2% في بعض الدول الأفريقية”
نماذج صارخة:
-نهب الذهب في مالي: حيث تتحكم شركات فرنسية في 80% من مناجم الذهب بينما تظل مالي من أفقر دول العالم.
-النفط في نيجيريا: شركات أوروبية تستخرج النفط منذ 60 عاماً بينما 70% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
-الكوبالت في الكونغو: شركات أوروبية تستغل المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات الحديثة بعقود مجحفة
هذه الآليات تثبت أن العلاقة الأوروبية الأفريقية لا تزال قائمة على النهب المنظم تحت شعارات المساعدة والشراكة الزائفة.