أقلام حرة

سلمان المسعودي يكتب: طهران.. وانتخابات مارس 2024

أثارت تصريحات المسؤولين الإيرانيين، عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ووسائل الإعلام المختلفة، بما فيها تلك المحسوبة على النظام، الاهتمام، ليس في إيران وحدها، بل وفي المنطقة عموماً، والعالم أيضا، هذه التصريحات لم تأت من فراغ، بل كانت نتيجة طبيعية، وانعكاساً حقيقياً لازمة الشرعية، التي يعاني منها نظام الولي الفقيه في طهران.

لقد كانت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أجريت في الأول من مارس، بمعدلات المشاركة الشعبية الأقل تاريخياً على الإطلاق، استفتاءً حقيقياً عن مدى مشروعية هذا النظام.

 وفي هذا الصدد، كتبت وكالة «أنباء انتخاب» الرسمية: لا شك أن، انتخابات هذه الفترة البرلمانية، هي الانتخابات البرلمانية الأقل قوة، في تاريخ الجمهورية الإسلامية. والحقيقة، أنها الانتخابات الأكثر ضعفاً، في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفي إشارة، إلى المقاطعة الواسعة النطاق، لهذه الانتخابات، صرح وزير الخارجية الامريكي الأسبق، مايك بومبيو قائلا: في 1 مارس، أجرى النظام الإيراني انتخابات صورية أخرى. ومرة أخرى، قرر الشعب الإيراني مقاطعتها. ما شهدناه في ذلك اليوم كان انعكاساً لما رأيناه في انتفاضة 2022 عندما قال الشعب الإيراني: «الموت للظالم، سواءً كان الشاه أو المرشد».

 من جهته، قال فلاحت بيشه، رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان السابق: «تظهر النتائج أن الانتخابات البرلمانية، هي هزيمة، وليس انتصاراً».

وأضاف في مقابلة مع صحيفة «ستاره صبح» الرسمية: «في تاريخ الانتخابات الإيرانية، لم يحدث أن تمت تعبئة جميع موارد البلاد، لجذب الناس إلى صندوق الاقتراع. تم استخدام كل الوسائل المتاحة، من المناشدات، والإغراءات، إلى التهديد ات».

في الحقيقة، يمكننا قراءة نتائج هذه الانتخابات، ومآلاتها من خلال ثلاثة محاور:

الأول: انهيار ثقة الشارع الإيراني بالمؤسسة الحاكمة، دستورياً، وسياسياً.

ثانياَ: انهيار ثقة النظام بنفسه. والتي تجلت في التصريحات الجريئة، لبعض مسؤوليه، ووسائل إعلامه المختلفة، والتي حملت في طياتها، انتقاداً وإن كان غير مباشر، لمجمل سياسات النظام. وهو ما يؤيد الحقيقة القائلة، بأن النظام منفصل تماماً عن واقعه.

ثالثاً: استحقاقات المرحلة، أو استحقاقات المرحلة الحالية -وقد استوفت جميع شروطها الموضوعية- حيث من المرجح، أن تشمل احتجاجات شعبية مستمرة، وواسعة النطاق، يتبعها انشقاقات هائلة، في بنية النظام السياسية، والعسكرية، وهي التي تسبق عادة التغيرات الكبرى، في السياسة، والثقافة، وأنظمة الحكم، وحركة التاريخ الحتمية.

إن نظام الولي الفقيه الحاكم في طهران، فضلاً عن قمعه، وقهره، وعقمه، السياسي، لايزال يعمل بعقلية السبعينيات والثمانينيات الميلادية، في حين تعيش بقية البشرية، في العقد الثالث من الألفية الثالثة! وهي نفس الحالة المرضية، التي أصابت الاتحاد السوفييتي قبل سقوطه، وكثيراً من الأنظمة الشمولية الأخرى حول العالم، بدءً بنظام تشاوشيسكو في رومانيا، وأوغستو بينوشيه في تشيلي، انتهاءً بزين العابدين بن علي في تونس، ونظام معمر القذافي في ليبيا.

سلمان المسعودي

كاتب سعودي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى