عبد الله سعيد الصامت يكتب: عندما يصدق الحاكم!؟

في زمن الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز كان الرجل يطوف بالصدقة من الذهب والفضة، فلا يجد احدًا يأخذها منه.
استطاع هذا الخليفة، خلال الفترة البسيطة التي حكم فيها، أن يقضي على الفقر، حتى لم يعد هناك فقيرًا أو محتاجًا، من المسلمين وغير المسلمين، في دولته.
*عندما يصدق الحاكم في تطبيق، احكام الإسلام كما أنزله الله، فلن تجد هناك، جورًا ولا ظلمًا، ولا مسكينًا، يعوزه توفير الغذاء، أو الدواء لأسرته، أو لا يستطيع أبنائه اللحاق في المدارس، أو لا يستطيع توفير الملابس والسكن لهم*.
لم تستطع دولة عبر التأريخ، أن تحقق ما حققه هذا الخليفة العادل، من ضمان اجتماعي ولم تصل إلى ما وصل اليه، من عدالة في التوزيع، حتى في عصرنا الحديث، عبر برامج الدول وخططها للحد من الفقر، ولم تستطع دولة أن تصل إلى هذا المستوى اللافت، في حل مشكلة الفقر، حتى أن الرجل كان يطوف بالصدقة من الذهب، فلم يجد من يأخذها منه.
بعد عزله للقيادات الفاسدة والمتنفذة والظالمة، من مناصبهم، واستبدالهم، بأهل العدل والنزاهة،
قام بإعادة الأموال الغير مستحقة، من غير المستحقين لها، إلى خزانة الدولة، وقام بتوزيع الثروات، والأراضي الصالحة للزراعة على الفلاحين توزيعًا عادلًا، وعمل على زيادة الإنتاج الزراعي.
قام بتشجيع الناس على العمل والإنتاج.
مع ذلك لم يكن هذا وغيره، هو هدفه الأول، والسر الذي تم به القضاء على الفقر نهائيًا، في تلك الفترة البسيطة من حكمه، إنما كان العامل الهام والأساسي، الذي استطاع أن يقضي به على الفقر، هو نجاحه في استغلال عامل الزكاة الذي استطاع تفعيله واستغلاله بدقة.
كان يدرك أهمية دور الزكاة، في حل مشكلة الفقر، خصوصًا، أن الاغنياء يشكلون النسبة الأكبر من الناس، قد تصل هذه النسبة، الى 94% ، بينما ينحصر الفقراء فيما نسبته 6% ، قد تزيد هذه النسبة، أو تنقص، لكن في النهاية، الزكاة حل لمشكلة الفقر كما أنها تلعب دورًا، في ترابط المجتمع، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإزالة الهوة ،أو ما يسمى بالصراع الطبقي، بين الفقراء والأغنياء، خصوصًا، أن الأغنياء، يستحوذون، على آمال هائلة.
لكي يصل إلى هدفه، في تفعيل دور الزكاة قام بإجراءات ضرورية كان أهمها.
إنشاء هيئة خاصة بالزكاة، عرفت بالشفافية والمصداقية، واسند إدارتها، الى أهل الثقة وأصحاب النزاهة والكفاءة.
قام بإحصاء ميداني دقيق للفقراء والمعوزين والمستهدفين والمستحقين وهم الأصناف الثمانية.
قام بجميع الزكاة من أموال الأغنياء والمكلفين، وأصحاب العروض التجارية، والثمار والزروع والأنعام وغيرها من الاصناف، بحسب النسب المنصوص عليها، في الإسلام، لييتم بعد ذلك صرفها في مخارجها المحددة.
قام بحصر الصدقات والأوقاف والهبات والنذور، ومن ثم تفعيلها واستغلالها، وصرفها في أماكنها الصحيحة.
اتسمت هذه الإجراءات كلها، بالشفافية والنزاهة والعدالة، فكانت النتيجة، أن بالإسلام يمكننا تقديم الحلول لمشاكل الانسان، المستعصية، والتي كانت تعجز، عن حلها الدول عبر العصور.