أحمد الجوهري يكتب: صفة طالب العلم والعالم
ومن صفة طالب العلم والعالم الحقيقيين: أنهما لا يشبعان من العلم، يسعيان باستمرار إلى الازدياد من العلم، ويتحققان مما يسمعانه منه، ومن عظيم ما وقفت عليه في ذلك:
في الصحيحين من حديث عروة بن الزبير قال:
قالت لي عائشة [أم المؤمنين رضي الله عنها ]: يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مارٌّ بنا إلى الحج، فالقه، فاسأله، فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علمًا كثيرًا.
قال: فلقيته، فسألته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عروة: فكان فيما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعًا، ولكن يقبض العلماء، فيرفع العلم معهم، ويبقى في الناس رؤوس جهال يفتونهم بغير علم، فيضلون ويضلون».
قال عروة: فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته..
قالت: أحدثك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟
قال عروة: نعم.
حتى إذا كان عام قابل قالت لي: إن ابن عمرو قد قدم، فالقه، ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم.
قال: فلقيته، فسألته، فذكره لي نحو ما حدثني به في المرة الأولى.
قال عروة: فلما أخبرتها بذلك قالت: ما أحسبه إلا قد صدق، أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص.
وقال البخاري – في بعض طرقه -: «فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون».
وقال: فقالت عائشة: والله لقد حفظ عبد الله.
فمثل ذلك – يا طالب العلم – فكن!