إياد العطية يكتب: الأخلاق المذمومة (2)
أحبتي جميعًا:
هذه هي السلسلة الثانية من سلسلة تغريدات «الأخلاق المذمومة» والتي بدأناها بالحسد, لنكمل معكم اليوم بخُلُق مذموم آخر ألا وهو «الكذب» عافانا الله وإياكم منه, وكتبنا الله وإياكم عنده من الصادقين المخلصين.
ودعواتكم لنا بالتيسير لإكمال باقي السلسلة وجمعها في كتاب نافع.
1- وبعد الحسد يأتي الكذب، وهو ضد الصدق قال النووي: هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو، عمدًا كان أو سهوًا.
وشر الكذب الذي يصحبه الافتراء قال ﷻ: ﴿ويل لكل أفاك أثيم﴾
ومن عقوبته أن يختم الله على قلب صاحبه بالكذب، قال ﷺ: وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا.
2- والكذب رأس كل خطيئة، وعنوان لكل شنيعة، وأقصر طرق جهنم، وليس بينه وبين الجنة طريق قال ابن مسعود: أعظم الخطايا الكذب
وهو من النفاق وعلامة على صاحبه قال ﷺ: آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب
وشر الكذب من كذب على الله ﷻ وعلى رسوله ﷺ وفي الحديث: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
3- ومن أشنع الكذب شهادة الزور
وهي من أكبر الكبائر قال ﷻ: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور﴾
وقال ﷺ: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا:بلى قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وكان متكئا فجلس وقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا:ليته سكت.
4- والكذب ينافي المروءة ولا يجتمع معها، قال الأحنف: اثنان لا يجتمعان أبدًا: الكذب والمروءة
والكذب يضع الإنسان ويجعله من السافلين، وينزله من مقام الصادقين ويهين صاحبه، حتى يسقط من عين الله ثم الناس
قال عمر بن الخطاب: لأن يضعني الصدق وقلما يضع أحب إليَّ من أن يرفعني الكذب، وقلما يفعل.
5- ومن الكذب المبالغة في المدح والإطراء بما ليس في الممدوح، كما يفعل اليوم المتزلفون والمتملقون والشعراء، الذين يبالغون في تضخيم المحامد، وطيِّ المثالب، بخاصة في وجوه الطغاة والجبابرة حتى يزيدوهم غرورًا
وفي الحديث عن المقداد قال: أمرنا رسول الله ﷺ أن نحثو في وجوه المداحين التراب.
6- والكذب طبع مكتسب، فمن مارسه واعتاد عليه صار طبع له وعادة، ونفسه له منقادة، فيصعب عليه تركه واجتنابه!
قال حكيم: من استحلى رضاع الكذب عسر فطامه
قال ﷺ: «..وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا».
7- وأسوأ الكذابون، تاجرًا يبيع غشًا ويحلف كذبًا
قال ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم:رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب
وقال أيضًا: إن التجار هم الفجار فقيل: يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع؟ قال: نعم، ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويحدثون فيكذبون.
8- والكذب لا يكون بالأقوال فقط بل يكون في الأفعال والنيات أيضا
فقد كذب إخوة يوسف على أبيهم بفعلهم عندما جاءُو بقميصه مخضبا بالدماء: ﴿وجاءُو على قميصه بدم كذب﴾
وصح في الحديث؛ أن أول من تسعر بهم النار؛ المجاهد والعالم والمنفق، لأن نيتهم لم تكن خالصة لله، بل ليقال مجاهد وعالم وكريم!.
9- والكذب ليس من شيم الرجال، ولا صفة للشجعان، بل هو مذلة، ومهانة، وحماقة، ومفتاح لكل شر!
قال بعض البلغاء: الصادق مصان خليل، والكاذب مهان ذليل
وقال شاعر:
لا يكذبُ المرءُ إِلا من مهانتِه
أو عادةِ السوءِ أو من قلةِ الأدبِ
لَبعضُ جيفةِ كلبٍ خيرُ رائحةٍ
من كذبةِ المرءِ في جدٍّ وفي لعبِ.
10- ونختم أن الكذب له انعكاسات واضحة على صاحبه، حتى يلبسه ثوب العار، ويعلو وجهه برقع المقت، ويُختم على قلبه به!
قال ابن القيم: الكذب له تأثير قوي على سواد الوجه، ويكسوه برقعًا من المقت يراه كل صادق!
وقد يُعجل الله ﷻ له العقوبة في الدنيا فيهتك ستره، ويفضحه بين الناس، ويوسمه بالكذب!.