باكستان وإيران على حافة الصراع

أبوبكر أبوالمجد| تتصاعد حدة الصراع الوشيك بين إيران وباكستان بشأن بناء خطأنابيب الغاز “السلام”، مما يعكس التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المعقدة التي تواجه دول المنطقة.

تحول المشروع الذي طال انتظاره، والذي كان من المفترض أن يرمز إلى الشراكة في مجال الطاقة والتعاون المتبادل المنفعة، إلى مصدر للتوتر والاحتكاك الدبلوماسي. وفي ظل ضغوط العقوبات الدولية والقيود التي تفرضها الولايات المتحدة، فإن طهران عازمة على الدفاع عن مصالحها من خلال اللجوء إلى الآليات القانونية الدولية.

إشعار

 

أرسلت إيران ” إشعارا نهائيا ” للحكومة الباكستانية بشأن نيتها اللجوء إلى محكمة التحكيم الدولية في غرفة التجارة الدولية في باريس في سبتمبر 2024. وجاء تحرك طهران بسبب فشل باكستان في الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق ببناء خط أنابيب الغاز الرئيسي “السلام”. ووفقا لصحيفة “ذا نيوز”، اضطر الجانب الإيراني إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة بعد سنوات من التأخير وعدم إحراز تقدم في تنفيذ المشروع.

خط الغاز

وكان مشروع خط أنابيب الغاز “السلام” قد صُمم في البداية كرمز لتعزيز الشراكة في مجال الطاقة بين إيران وباكستان.

وتم توقيع اتفاقية بناء الجزء الباكستاني من خط الأنابيب في عام 2009، ومن المقرر الانتهاء من العمل بحلول ديسمبر 2014.

وتضمن العقد غرامات قدرها مليون دولار عن كل يوم تأخير اعتبارا من 1 يناير 2015، ما يسلط الضوء على جدية التزامات باكستان.

ومع ذلك، واجه المشروع صعوبات كبيرة في عام 2014 عندما تم تأجيله لمدة عقد من الزمان بسبب العقوبات الأمريكية ضد إيران.

أصبحت هذه العقوبات العقبة الرئيسية أمام تنفيذ المشروع، حيث حدت من القدرات المالية والفنية لباكستان.

رغم التحديات

وعلى الرغم من هذه التحديات، تم توقيع عقد محدث في سبتمبر 2019 بين شركة أنظمة الغاز الدولية الباكستانية وشركة الغاز الوطنية الإيرانية.

ووفقًا للاتفاقية الجديدة، تعهدت إسلام آباد بإكمال بناء خط الأنابيب بحلول عام 2024 والبدء في استيراد حوالي 21 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا.

وفي مقابل هذه الالتزامات، وافقت طهران على عدم اللجوء إلى التحكيم، مما منح باكستان وقتًا إضافيًا لإكمال المشروع. ومع ذلك، لم يبدأ البناء بعد، وتم تأجيل الموعد النهائي للمرحلة الأولى من المشروع، وهو قسم بطول 81 كيلومترًا، إلى سبتمبر 2024، مما دفع الجانب الإيراني إلى إرسال “إشعار نهائي”.

موقف باكستان

لا يزال موقف باكستان معقدًا، حيث لا تزال البلاد تواجه ضغوطًا من الاحتياجات الاقتصادية المحلية والالتزامات الدولية. وأكد ممثل الحكومة الباكستانية أن المشروع لا يمكن تنفيذه بسبب العقوبات الأمريكية القائمة.

ولم تنجح محاولات باكستان للتفاوض مع الجانب الأميركي، ولا تزال إدارة بايدن تعارض بناء خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران. وفي مارس 2024، أوضح مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون جنوب ووسط آسيا دونالد لو

الكونغرس

خلال جلسة استماع في الكونجرس أن تعاون إسلام أباد مع إيران في هذا المشروع قد يكون له “عواقب وخيمة”. ومن جانبها، لم تعد إيران مستعدة للتسامح مع التأخير وعدم الاتساق من الجانب الباكستاني. وطهران عازمة بقوة على حماية مصالحها على الساحة الدولية.مما قد يؤدي إلى إجراءات قانونية طويلة ومكلفة.

ولكن ما زال من غير الواضح كيف ستتطور الأحداث المحيطة بخط أنابيب “السلام”. وإذا فشلت باكستان في التوصل إلى حل وسط مع إيران أو الحصول على دعم من الشركاء الدوليين، فقد يؤدي هذا إلى تصعيد الصراع وتوتر العلاقات في المنطقة. ومن ناحية أخرى، قد تفتح التغيرات في السياسة الدولية أو تخفيف العقوبات المفروضة على إيران فرصاً جديدة للتعاون والتنمية في قطاع الطاقة في جنوب آسيا.

أبوبكر أبوالمجد

صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights