حاتم سلامة يكتب: لا تمنعونا من واجبنا
هذه كلمات فرضها علينا الواقع المعيب لبعض العقول والأفهام، وكان لابد للقلم أن يكتب ويبين.
في كثير من القضايا التي نثيرها ونظهر فيها وجه الحق من الباطل، وقد تعلقت بأناس رحلوا عن الحياة وفارقوا الدنيا، يريد بعض القراء أن يحرموا علينا البحث فيها وذكر أصحابها أو الحكم عليهم فيما أثاروه من قضايا الفكر والأدب والدين، ويظن الظان حينما نذكر خطأ راحل من الراحلين، ونظهر هناته في الثوابت والنظريات، أننا نحكم عليه بالكفر والإيمان ودخول الجنة أو النار، والحق أنني في دهش من حال هؤلاء، فكيف سولت لهم عقولهم أننا قد انجررنا لساحة المصير والحكم بالجنة والنار على أحد، ان هذا من خصائص الإله العظيم ولا شأن للبشر في شيء من هذا أبدا.
لكن هذا الراحل، قد خلق أزمة ثقافية، وكان لابد لنا من البت فيها، وحينما نتحدث عنه ونظهر عوار فهمه، وزور وقعه، فإننا لا شأن لنا بمصيره بين يدي ربه، نحن فقط نحكم على أمر علمي ثقافي، وقد يكون هذا الذي حكمنا بخطئه وزيفه، قد تاب توبة عظيمة بينه وبين ربه، وقد يكون الله تعالى قد من عليه وقبلها منه، وجعل مكانته في أعلى عليين، ولكن هذا حاله مع الله، ولا شأن لنا به، أما ما تركه من مفاسد فإن الله تعالى لا يرضى أبدا أن نصمت عنها، بل علينا أن نبصر الناس بمخاطرها ومفاسد صاحبها، وهذا أبدا لا يناقض مقامه المقبول عند الله، وهذه هي الإشكالية التي لا يستطيع كثير من الناس تفهمها، علينا أن نؤدي واجبنا نحو ما طرح، أما حال الراحل مع الله فليكن ما يكون فلا شأن لنا به.
كم يصيبني الهلع حينما أجد تعليقا من قارئ يقول: لقد أفضى إلى ما قدم
وقوله: وما أدراك لعله عند الله أفضل منك.
وقول ثالث: أنت لا تعلم ما بينه وبين الله لعله تاب وقبل توبته.
وهذه الأقاويل العجيبة التي تجرنا إلى ساحة أخرى غريبة لا شأن لنا بها، ولا ننكرها ولا مسسناها بقول، ولا أنكرناها بلفظ.
ولكن أصحابها لا يستطيعون تفهم المراد فيما نثيره ونتحدث عنه.
لنا الظاهر والله تعالى يتولى السرائر.
نحن فقط نؤدي وظيفتنا وواجبنا نحو الحق، وعند الحديث عن الجنة والنار والتوبة والإنابة، فلا شأن لنا بها ولا حديث نطرحه بحيالها.
ولو أننا صمتنا على جريمة راحل، وحرمنا الحديث عنها والحوم حول زورها، لربما اتبعه في ضلاله خلق كثيرون، فتكون اللائمة علينا نحن أمام خالقنا حينما يقول لنا: كيف خسرت ألسنتكم عن قول الحق في هذا الباطل؟
هل ساعتها نقول له: يا رب لقد ظننا أنه تاب إليك وأنك قبلت توبته؟
هذا لا شك كلام ورد قبيح أعور لا يفهم ولا يعي من الحقائق شيئا.
وأنت أيها الكاتب الراحل الذي أنكرت الثوابت وحاربت الله ورسوله ليكن مصيرك عند ربك في أعلى عليين، ولتكن لك الفردوس الأعلى، ولتكن بينك وبين الله توبة لا يعلمها أحد، فلا شأن لنا بكل هذا، إن واجبنا الأول أن ندحر ما أظهرت من زيف وفساد، ونرد ما نشرت من قبح وضلال، فهل عقل المعترضون؟
إن الله سبحانه قد وضع الفارق سلفا بين السيئة والمسيء وفرق بينهما.. قال تعالى: “ادفع بالتي هي أحسن السيئة”..
إنها السيئة إذن ما يدور عليها فلك العراك، ولم يقل: المسيء
إن أهوجا يخرج على الناس فيزعم مما قرأ لي: أنني أكفر الناس وأهين الرموز وأحكم على مصائرهم، وهو قول نكر، ما دعي إليه إلا قصور فهم وقلم إدراك.