د. أسامة شفيع السيد يكتب: تكلم حتى أراك!

لا تتعلق هذه الكلمة الحكيمة -في رأيي- بقيمة ما يحمله الكلام من آراء وأفكار فحسب، ودلالاتهما على عقل المتكلم وفطانته، ولكن لها صلةً كذلك بـ«صورة» الكلام، أو بـ«منطق» المتكلم؛ أي كيفية نطقه، فكم من رجل يبدو حسن الهندام بهي الصورة، فإذا نطق أتى بالطوام في مخارج الحروف وصفاتها، أو في تقطيع الكلام ونبره، أو فيما سوى ذلك من عيوب المنطق!
ولذلك تعلمت ألا أقطع بتمام رؤيتي لامرئ حتى أشاهده متكلما، ثم ضاحكًا.
فإذا سألتني عن سبب إقحام الضحك في هذا المقام، فالجواب أنه ورد به تعريف الإنسان فلسفيًّا ونفسيًّا، فقيل: الإنسان حيوان ضاحك؛ لاختصاصه بالضحك دون سائر المخلوقات المشاهَدة.
والحق أنني لا أعلم شيئًا يُبرز صفحة النفس ومطويَّ الضمير كالضحك، وقد دلت وقائع الحس والمشاهدات على أن بعض الناس إذا ضحك تسللت محبته إلى القلوب رأسًا، وبعضهم إذا ضحك مُقت، ولاحقته اللعنات. والخلاصة أن مشاهدة المرء ضاحكًا أصل من أصول «رؤيته»، أو الوقوف على حقيقته.
د. أسامة شفيع السيد، رحمه الله تعالى