د. خالد سعيد يكتب: أغاليط المفكرين.. حالة إنسانية
كثيراً ما ألفتت نظري حالة غريبة شائعة، وهي تلك الحالة من الهوس الضلالي التي تصيب بعض المميزين؛
إذ تحسبهم مفكرين أو منظرين لما عندهم من التميز،
لكنك تفاجئ كلما اقتربت منهم، أنهم أدنى من ذلك بكثير، حتى أن أخطاءهم وسقطاتهم كثيراً ما تبلغ الغاية في العوار والهزال والسخافة،
وقد يكون طبيعياً أن يخطئ الإنسان حتى لو كان خطأ لا يصيبه الصغار أو ضعاف العقول،
لكن تبقى الدلالة الأسوأ هي في تكرار تلك الحماقات المخزية.
وقد عنيت بمحاولة تحليل مشكلة هؤلاء فتبين لي أنها معضلة إنسانية ذات طبيعة خاصة يجب الانتباه إليها في برامج تربية الأبناء والناشئة.
إذ هي في حقيقتها إشكال نفسي تربوي ومشكلة إنسانية، فبعض الناس يكون مفكراُ أو عالماً بمجموع ملكاته ومواهبه وما وافقها من استعداد وإعداد،
وبعضهم يمكن وصفه بشِبه المفكر وشِبه العالم ذلك الذي حاز ميزات لم يغذيها كالأول،
أو هو ليس مؤهلاً لبلوغ الكمال فيها، وصنف ثالث هو منتحل لكلتا الصفتين!
والإنسان بطبيعته طموح يحب العلو فهو منجذب دائماً إلى نقصه، راغب في استكمال عوار نفسه،
فربما انتحل في سبيل ذلك ما لا يستطيع أو ما لا يحسن!
هذه المحاولة تكون خفية يصعب اكتشافها خاصة لو حاز بعض الإمكانيات ولو بسيطة قد تقربه من تلك الصفة المنتحلة،
وهنا يتركز حديثي على الحالة الوسيطة أي شبه العالم وشبه المفكر، فهو غير أصيل ولا متمكن أو مؤهل لهذه الصفة!
قد يبدو كلاماً بدهياً أو قل عنه حتى ساذجاً، لكنه ورغم ذلك يمثل ظاهرة حيرتني ولو قليلاً في سبر أغوارها واكتشافها،
لعل ذلك لنظرة أميل فيها لإحسان الظن بالناس، أو لكونه بدهي فجعلني أحار فيه لميل عندي إلى التعمق في تحليل الظواهر.