د. خالد سعيد يكتب: الخيانة وجهة نظر نفاقية
من الآفات التي تصيب حركات التغيير عموماً؛ هي تصدر القيادات غير الجديرة بالقيادة نتيجة لأي ظرف، كشغور موقع الصدارة بإقصاء القيادة المستحقة بشكل كامل بالتصفية أو الاغتيال، أو مؤقتاً بالسجن أو لانشغالها بمهمة محددة أو لظرف معين يتيح لبعض الطامحين الضعفاء من أصحاب المصالح القفز لتبوأ تلك المكانة بغير حق.
ومما أصاب الحركة الإسلامية منذ عقود هو استيراد ظاهرة “الإسلام العلمي” أو “النظري” والذي يمكن تسميته بالقشري والظاهري، والذي يحاول الاستحواذ على الواقع بالتركيز على مفهوم التوحيد وخطورته من خلال التشكيك في كل قول وفعل ووصفه بالشرك، ليصادر شرعية الأحكام، كما يؤكد على اتباع السنة وتخريج الأحاديث وتحقيق أو فرز صحيحها من ضعيفها، ليحتكر مصدرية وموثوقية المعلومة والفكرة.
ويتناسى ذلك الطرح البعد العملي تماماً في خلال ذلك كله، أو قل على الحقيقة أنه يتناسى البعد العملي الخارجي في مواجهة أعداء الأمة ويكرس المواجهة كاملة داخل الأمة الإسلامية نفسها، ثم يعمل هذا الطرح أو التيار على تصدير رموزه الطامحة الضعيفة بل الطامعة والجبانة من خلال هذه الأكذوبة كلها.
رموز لم تضحي يوماً أو تقتحم صعاباً أو تخوض غمار المواجهة مع كل صور الباطل والظلم والفساد، بل ما فتئت تقتات على الفتات وتعيش على دعم الطيبين لأولئك البطالين، رموز جبانة لم تجرب أو تقدم شيئاً في سبيل الله، رموز تعودت نيل الوجاهات والألقاب والتمشيخ دون أن يكون لتلك المكتسبات من مقابل تؤديه لله ﷻ والرسول ﷺ وأمة الإسلام.
من الطبيعي إذاً أن تَسقُطْ تلك الرموز وأن تُسقِطَ وراءها كل أتباعها الهلافيت والسذج والمَقُودِين، ومن البديهي أن تذعن وتحني ظهورها للمتمكنين من زمام الواقع أصحاب القوة مهما كانوا فجارا وظلمة وأعواناً لأعداء الأمة؛ من كل خسيسٍ وسيسٍ.
كما أن علاقة هذه القيادات المنحطة بتلك الأنظمة المجرمة؛ كالعلاقة المحرمة بين أي ساقطة وفاجر؛ إذ تتطور علاقتهما التي هي في أصلها محرمة وفاحشة وداعرة؛ إلى رغبة في التزامات متبادلة مما لا تكون إلا في الحلال إذ هي في حقيقتها محرمة، فيكون الصراع النفسي ويظهر التناقض في تنكر أحدهما للآخر بينا هو يستجدي حقوقاً ليست له، وتكون التبريرات ومحاولة إضفاء الشرعية على ما هو كله سفاح وفاحش، ويكون المصير المشترك لكل من الفاعل والمفعول ولو إلى الدمار والجحيم، إذ يعني زوال أحدهما نهاية لوجود الآخر حقيقة أو توهماً.