د. محمد الموسوي يكتب: أفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح (13)
التقديم جزءا من المصيبة …
قيل (ومن يكن الغراب له دليلاً يدلهم على جيف الكلاب) أي أنه إذا كان الغراب دليل قومٍ دلهم على أرض الخراب، وفي حال نظرنا للعراق أبو التاريخ وحاله اليوم مع أفاعي السوء في إيران والغربان التي نصبتهم على حكم العراق فبئس الأفاعي وبئس الغربان وبئس من قبل وبئس هيأ ومن سكت وبئس.. وبئس.. وبئس حتى تملوا أو ينتهي الأمر بحلول لأجل الكرامة ولا شيء غيرها..
والأهم في الأمر أن تلك الغربان الحاكمة في العراق أو بتعبير أصح (الغرباء التي تتقاسم فريسة العراق) غربان تحظى بشرعية دولية جاءت من وراء الصناديق التي لا تعرف شيئاً عن الديمقراطية.. في البدء وقبل الصندوق جاءوا بدستورٍ وخدعوا الشعب.. خدع السامري الشعب وأوهمه بدستور البركة والخلاص ومن لم يقبل بالدستور خرج عن الدين والملة على أساس أن الدين والملة يستقيمان بتلك القطعان الضالة؛ لكن الباطل يستقيم بجهلها وعبثها وقبح أفعالها، ذلك السامري القابع بغياً في بيت الكهنة إلى جوار تلك البقعة المباركة مدنساً الأرجاء..
كل قبيح عنده مشروع ومسكوتٌ عنه إلا غربان الملالي فهي جميلة مباركة، بل وقد تكون مقدسة لكن شخصاً مثلي قد يكون أعمى ولم يُبصر النور بعد لذلك لم يحالفه الحظ ليدرك مدى عظمة الأفاعي وجمال الغربان وجلال وقداسة السامري.. أما العم سام فقد قال اليوم أتممت لكم الطبخة وموادها ومطيباتها، واستحصلنا لكم البركة من قداسته وباقي الكهنة وقد باركوا كتالوك الطبخة (الدستور) وأنتم أيها الشعب مرروا الدستور مؤقتاً كي تمضي العملية السياسية قدماً وبعدها غيروا الدستور كما تشاؤون ومتى تشاؤون.. وكيف سيتغير دستور الفتوى وتحميه مئات المليارات من الدولارات تشتري هذا وتقتل ذاك وتستمر نفس اللعبة من لاعب إلى آخر والمطلوب حاصل والضحية في جانب مجني عليها ولا حول ولا قوة لها وفي جانب تحلو لها الخديعة وتنتظرها في موعدها وفي جانب تقبل ببعض الفتات المتساقط من اللصوص أو الخارج عن حظيرة الكهنة في مناسبة وأخرى بعد حفل تخدير..
قد أكون قد أسرفت في التقديم لكن دعوني أتنفس فلم يبقى لي سوى القلم والكلمة لعلي وإياكم مع الصبر نزرع الحقيقة فتُنبت نوراً يُنبت النور نصراً.. يُعيد النصر بقايا هوية تكتمل مع الأيام حتى يُستعاد وطن وتُستعاد كرامةِ أُمة.. والتقديم جزءا من المصيبة.
بعد أحداث احتلال سنة 2003 سُلِط على العراق آفات البشر حتى المُحتلين أنفسهم سئموا منهم ولاذوا بالفرار… لقد حصدت أفاعي السوء في إيران نتاج زرعها وتعاونها مع الأمريكان في احتلال العراق، وقد راعى بول بريمر القائد على تلك الآفات راعى قداسة السامري وقطعانه من الكهنة واستخدمهم لتضليل القطيع الأكبر لكن هذا القائد الذي لا جمال فيه سوى ما يرتدي وما يتغنى به من الحيل على ما هو عليه قد رأى في هؤلاء الكهنة ومن يدور معهم وحولهم ويدور بهم قبحا لم يرد عليه من قبل وهو شقيق إبليس.. فنشر صورهم وأذلهم في كل محفل ووقت.. وأسس لهم مجلس الحكم وأصبح يجتمع بكل فردٍ منهم على انفراد ليذله ويضعه في الدرك الأسفل لصنف البشر حتى باتوا كأجراء تابعين وأشهد عليهم وعلى تنكيله بهم بعض الوجهاء العراقيين إمعانا في إذلالهم.. لكن أحد أهم الشهود علي خستهم وذُلِهم لم يستطع البقاء طويلا على قيد الحياة ففجروا بيته على رأسه بعد أن اغتالوا ابنه الشاب على افتراض أنهم تخلصوا ممن شهد على إذلال بول برايمر لهم في المنطقة الجرباء.
بعد سنة 2009 كانت سعادة تلك الآفات لا تضاهيها سعادة ليس لأنهم استلموا السيادة الوطنية المزعومة من سلطة الائتلاف التي تحتل العراق بقيادة أمريكا ولكن لأنهم قد من قيد الذل إذا لم يرى فيهم المُحتل من يستحق لقب قائد أو من هو وطني.. وكان المُحتل يريد إقرار ما أسموه بالدستور وإعلان حكومة ستُسمى منتخبة بالحق بالباطل المهم أسمها حكومة منتخبة ليقولوا للعالم تحملنا المسؤولية حتى قامت حكومة منتخبة ونحن منسحبون وسلموها وانسحبوا أمام الكاميرات.. ولاذوا بالفرار من المسؤولية فهم يُدركون أن هناك عارا سيلحق بهم إن بقوا في الصورة مسؤولون أمام المجتمع الدولي الهزيل.. لكنهم في الحقيقة سلموا العراق للملالي على طبق من ذهب وبقوا أوصياء في الظل لهم كامل الحصاد المطلوب حتى وإن لم يبذلوا عناء الزراعة.
في الانتخابات التشريعية الماضية لسلطة غربان المنطقة الجرباء بالعراق لم تحصل غربان الملالي التي تُسمى بـ (الإطار) على أغلبية تؤهلها لافتراس السلطة من جديد وحدث الفراغ السياسي المميت بالعراق واشتكت ما تُسمى بالشرعية الدولية وكذلك كبار العالم من فساد السلطة بالعراق وانتهاكات القائمين عليه ولم يبقى سوى أن يقولوا بأن من يحكم العراق قد بيض وجه إبليس وفجأة وبقدرة قادر يعودون بهم إلى السلطة من جديد يتوارثونها منذ 20 سنة مهلِكة والحاكم هو نفس الحاكم المُجند لصالح ملالي السوء، والضحية هي الضحية لكنها اليوم أي الضحية لم تعد وحدها فقد أضافت إليها أفاعي السوء في إيران اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين.. والحبل عالجرار كما يقول المثل العراقي… وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل
د. محمد الموسوي / كاتب عراقي