زيارة الرئيس التركي رجب طيب ارد وغان الاولي للعاصمة المصرية للقاهرة للمرة الاولي منذ عام ٢٠١٣ولقائه المرتقب بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي خلال الايام القليلة القادمة تشكل علامة فارقة في علاقات البلدين وتنهي حوالي ١٠سنوات من القطيعة ومستويات عالية من التوتر شهدت انتقادات شرسة وجهها اردوغان للنظام المصري شهدت أوجها لدي إطاحة الجيش المصري بالرئيس المصري الراحل الدكتور محمد مرسي وكذلك عند وفاته منذ سنوات.
ولكن علاقات البلدين وبعيدا عن محطات التوتر المستمرة لسنوات عرفت نوعا من التقارب خلال الأعوام الماضية في ظل قناعة ترسخت لدي النظامين بأن من الأفضل طي صفحة الخلافات لخدمة مصالح البلدين حيث أدركت تركيا صعوبة الاستمرار في الرهان علي المعارضة المصرية وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين بعد إخفاق الأخيرة في تقديم نفسها كبديل محتمل للنظام فضلا عن إدراك النظام المصري للأمر الواقع التي استطاعت تركيا تثبيته في جار مصر الغربي في ليبيا.
حيث صارت تركيا طبقا لعديد من المراقبين جارا لمصر في ليبيا المجاورة أو علي الاقل طرفا فاعلا جدا في المعادلة الليبية لذا نحا البلدان خلافاتهما جانبا واستقبلت القاهرة وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش اوغلو ورد نظيره المصري سامح شكري الزيارة في العاصمة انقرة إلي ان توج هذا التقارب خلال لقاء الدوحة ٢٠٢٢الذي جمع أرد وغان السيسي خلال افتتاح مونديال قطر بوساطة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى .
ومنذ هذا اللقاء شهدت علاقات البلدين نوعا من التطبيع التدريجي من حيث عقد لقاءات ثنائية واتصالات علي كافة المستويات ولقاءات ثنائية أسهمت في وضع علاقات البلدين في الطريق الصحيح ومهدت الطريق أمام إتمام ما يمكن أن نطلق عليه الزيارة التاريخية المعتزم ان يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للقاهرة وهي الزيارة التي ستفتح الباب أمام تطور جذري العلاقات البلدين سيترجم علي كافة الأصعدة سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا وهو ما عكسته التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي حاكان فيدان الذي تحدث عن مفاوضات لإمداد تركيا لمصر بطائرات مسيرة وهو ما يشكل في حد ذاته انعطافا مهما في علاقات البلدين.
ولعل الحديث عن تزويد تركيا لمصر بعدد كبير من طائرات “البيرقيدار” المسيرة التي حققت إنجازات كبيرة في عدد من الساحات المهمة في ليبيا وصراع ناجورنو كاراباخ بين أذربيجان وأرمينيا يكشف مدي التطور الذي حققته علاقات البلدين خلال الفترة الأخيرة وكيف تجاوز هذا التقارب الملفات التكتيكية الي الطابع الاستراتيجي فضلا عن تكريس ذلك لتطور علاقات البلدين و إغلاق ملف التوتر بينهم بشكل نهائي.
ورغم موجات التفاؤل الذي خلفتها تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان علي مجمل علاقات البلدين الا ان حالة الصمت التي تعاملت بها القاهرة مع هذا الإعلان يفتح الباب حول حالة “التمنع” من قبل الساسة المصريين حول هذا التقارب وهو تمنع يرى المراقبون أنها يأتي لأسباب محلية محضة.
حيث لا يريد النظام الظهور بمظهر وتكريس اعتقاد لدي أنصاره بأن قوته وأهميته في المنطقة هي من دفعت أردوغان لرفع الراية البيضاء عبر زيارة القاهرة وهو أمر ذات أهمية كبيرة جدا لدي النظام الذي يواجه أزمة اقتصادية دفعت الجنيه المصري لتحقيق معادلات انهيار غير مسبوقة أمام الدولار الأمريكي لذا يجب البحث عن إنجاز سياسي ولو شكلي يستر سواءات النظام المصري.
التقارب المصري التركي الذي سيتوج بزيارة ارد وغان القاهرة لا ينفي وجود ملفات خلافية بين البلدين مثل الأوضاع في ليبيا وملف الطاقة وترسيم الحدود الاقتصادية شرق المتوسط ومستقبل النظام السوري ناهيك عن قضية ثانوية تتعلق بوضع جماعة الإخوان المسلمين والمعارضة المصرية في تركيا واذراعها الاعلامية حيث تعتقد مصادر دبلوماسية ان قمة أردوغان السيسي ستحاول الوصول لانفراجة فيما يتعلق بهذه الملفات للوصول لحلحلة لهذه الملفات.
الوصول لتسوية لهذه الملفات الخلافية بين مصر وتركيا هو من سيحدد مصير هذه القمة فاما ان تنجح في تسريع وتيرة التطبيع أو البلدين أو إبقائه باردا كماهو حاله خلال العامين الماضين بشكل سيحدد مستقبل علاقة البلدين أم كشراكة سياسية البلدين وفق الرغبات التركية لها ام لتعاون اقتصادي تبدو القاهرة في أمس الحاجة اليه في ظل أزمته الاقتصادية وتراجع الداعمين الإقليميين عن تقديم طوق النجاة للنظام.