قرأتُ لك: (الأزمة في الساحل الإفريقي بين المشاريع الدولية والمقاربة الجزائرية)
(الأزمة في الساحل الافريقي بين المشاريع الدولية والمقاربة الجزائرية)
صدر الكتاب في 133 صفحة عن دار خيال الجزائرية سنة 2020، وهو من تأليف د. يحيى محمد لمين مستاك (رحمه الله) أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ورئيس القسم سابقًا بجامعة خميس مليانة – الجزائر.
تناولت المواقع الإليكترونية بشكل مكثف طيلة المدة الفائتة، هذا الكتاب، وبعد جولة بين دفتَيْ الإصدار، والصحف الإليكترونية، وجدتُ قراءة الكاتب والباحث “جلال خَشِّيبْ”، هي الأفضل والأعمق
يُقدّم الكتاب في بدايته نبذةً تاريخيةً عن المنطقة وتشخيصًا جغرافيًا وجيوبولتيكيًا لها ولأبرز أزماتها، ثمّ يُوضّح في الفصل الأول مدى أهميّتها بالنسبة للقوى الكبرى، لاسيما الولايات المتحدة وفرنسا، والتنافس المتنامي بينهما على المنطقة، بينما يُقدّم الفصل الثاني فكرةً شاملةً عن مشاريع السلم الأُمميّة والإقليمية لإحتواء أزماتها وتعزيز سبل التعاون بين دولها تحقيقًا للأمن والاستقرار والتنمية.
أمّا الفصل الأخير فيُخصّصه الكاتب لتحليل المقاربة الجزائرية تجاه المنطقة وأزماتها الأمنية، وطبيعة المواقف الجزائرية تجاه القوى الكبرى المتنافسة في المنطقة وكيفية تفاعلها معها، مُوضّحًا كيف تُشكّل المنطقة بالنسبة للجزائر عمومًا مصدرًا للفرص والتهديدات في آن.
يُحدّد الكتاب الفترة المحصورة ما بين سنتيْ 2011 و2018م، كمجالٍ زمني للدراسة.
يدرس الكتاب التحدّيات الأمنية التّي تواجهها الجزائر على حدودها الجنوبية المضطربة، حيث وضع القدر الجغرافي أكبر دولةٍ عربيةٍ من حيث المساحة مجاورةً لأحد أحد أبرز المناطق الجغرافية المضطربة التّي من شأنها أن تعيد تشكيل السياسة العالمية في عصر جديدٍ من تنافس القوى الكبرى، أي منطقة الساحل الإفريقي ما وراء الصحراء الإفريقية الكبرى، وفقًا للباحث تيم مارشال في كتابه “قوة الجغرافيا” (2022)، وهي المنطقة الممتّدة على حزامٍ جغرافيٍ يربط ما بين البحر الأحمر وخليج السنيغال.
تُعتبر هذه المنطقة مصدرًا للفرص والمخاطر والتهديدات في المدركات الأمنية لصنّاع القرار الجزائريّين، لا يرجع ذلك فقط إلى الوضع المضطرب الذّي عرفته المنطقة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتنامي الحركات الانفصالية والارهابية والحروب الأهلية والدول الفاشلة وتزايد التنافس الدولي هناك، فالمسألة بالنسبة للجزائر مرتبطة بقدرها الجغرافي الثابت بعيدًا عن هذه المتغيّرات، هذا ما عبّر عنه الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين (1963-1978) حينما قال: “إنّ المغرب العربي والمنطقة الفاصلة بين القاهرة وداكار تمثّل منطقة أمنٍ بالنسبة للجزائر، وأنّه لا يمكن أن يحصل أيُّ تغييرٍ في المنطقة دون إتفاقٍ مع الجزائر”
إنّها تُمثّل باختصار عمقًا إستراتيجيًا بالنسبة للجزائر وأحد دوائرها الأمنية الثلاث، إلى جانب الدائرتيْن العربية والمتوسطيّة.