لقد فضّل اللهُ تعالى الجهادَ وأهلَه، ورفع منزلته إلى ذروة السنام..
وفي زمن الفتن الذي نحيا تزداد أهمية الجهاد، بل يصبح عاصِماً ومُنجياً من هذه الفتن!
ففي الوقت الذي يضطرب فيه الكثيرون، ويجرفهم تيار الفتنة، فينشغلوا في القيل والقال والخلاف وزيادة الفُرقة بين المسلمين؛ لا يكُن للمجاهد انشغالٌ إلا بمُنازلة أعداء الإسلام، في معركة واضحة، رايتها نقية ناصعة.
والنصوص الشرعية في فضل الجهاد والمجاهدين كثيرة معلومة، والذي يهمّني هو تسليط الضوء على ما ورد في فضل الجهاد في زمن الفتنة، وبيان الموقف الشرعي المطلوب من المسلمين في هذه الأيام التي رُفِع فيها لواءُ الجهاد في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس…
*ففي الحديث المتّفق على صحته الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مؤمنٌ يجاهد في سبيل الله بنفْسه وماله، قالوا: ثم من؟ قال: مؤمنٌ في شِعْبٍ من الشِّعاب يتقي اللهَ، ويَدَعُ الناسَ من شرِّه”*
فهما صِنفان فاضلان إذن!
ويوجد رواية أخرى تدلّ على أن المقصود بالحديث زمن الفتن:
فعن أم مالك البهزية قالت: ذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فتنةً فَقَرّبَها، قالت: قلت: يا رسول الله مَن خير الناس فيها؟ قال: «رجلٌ في ماشيته يؤدي حقّها، ويعبدُ ربَّه، ورجلٌ آخِذٌ برأس فَرَسِه يُخيفُ العدوَّ ويُخيفونه»
رواه الترمذي وصححه الألباني.
فالحديث يشير إلى أنه ستكون فتن، وأن أفضل الناس في هذه الفتن هم المجاهدون في سبيل الله، وأن من لم يستطع الجهاد حقيقة ولم يجد إليه سبيلاً فالأفضل في حقّه أن يعتزل الفتنة، ويُكُفَّ لسانَه عن المسلمين، وأن ينشغل بعبادة الله تعالى، ويؤكد فضْلَ العبادة في زمن الفتنة قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«العبادة في الهرج كهجرة إلي»!
أيها الأخ المُوفّق:
في هذه الأيام التي قام فيها سوقُ الجهاد في أطْهر معركةٍ بين الإسلام والكفر؛ احرصْ أن تكون في صفوف المجاهدين، في أي ثغرٍ تُحْسِنُه، كي تكون من أفضل الأصناف التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فإنْ لم يتيسر لك ذلك فحافِظ على نيّة الجهاد في أقرب فرصة ممكنة، وكن سنداً ونصيراً للمجاهدين بكل ما تستطيع، واحمل قضيتهم، وذُبّ عن عِرْضِهم..
وإياك إياك أن تقع فيهم بلسانك أو تُسيء الظن بهم، فهم أفضل الناس بنصّ الحديث الشريف، واجتهادُهم في قضاياهم هو الأوفق والأهدى لأنّ الله تعالى تعهّد بهدايتهم فقال سبحانه:
{والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبُلَنا}.
فإنْ أبَيتَ إلّا الوقيعة فيهم -لا قدّر الله- فقد جنّدتَ نفسك في جُند الشيطان والعياذ بالله، وقد عادَيتَ أولياءَ الله الذين أعلن اللهُ الحربَ على من عاداهم!!
إنْ لم تكن في أحد الصنفين الفاضلين في زمن الفتنة؛ فقد وقعتَ في الفتنة! وصرت وقوداً لها!
وهذا حال أغلب الناس اليوم -مع الأسف الشديد- فلا هُمْ جاهدوا عدواً، ولا ساندوا مجاهداً، ولا حتى كَفُّوا شرّهم عن المجاهدين!! فتجدُ أحدَهم جالساً على أريكته، يتابع الأخبار ووسائل التواصل، ليس له عمل إلا النّقد والتجريح والطعن والتخوين، وتوزيع الشهادات على العاملين؛ فيمدح فلاناً ويذم فلاناً.. وكل ذلك بغير علم ولا هدى، بل بمجرد الأهواء والانفعالات.. فيهدم ولا يبني، ويزيد من فُرْقة المسلمين وضعفهم..
إنه حقاً زمن الرُوَيبِضات!!
وأخيرا أيها الأخ الحبيب:
أنصحك نصيحة من يحبُّ لك الخير، فأقول:
إذا أردتَ -في هذا الزمن الصعب- أنْ تَتِيهَ بوصلتُك، وتختلطَ عليك الأمور، وتَلْطِمَك الفتن، وتُضيع وقتَك وقلبَك وعقلَك وشيئاً من أخلاقك، وتقَعَ في حبائل الفُرْقة وجاهلية سايكس بيكو النَّتِنة = فعليك بالإكثار من متابعة وسائل التواصل، والأخبار، والتحليلات…!!
وإذا أردتَ أنْ تعرفَ الحقَّ، وتحافظ على دِينك.. = فعليك بالقرآن؛ استغني به، وابحث فيه بعين قلبك وعقلك عن الحق، فلن يخذلك !!