حين نطالع في التراث الفكري المقدس لليهود، وخاصة العهدَ القديمَ والتلمودَ؛ تتبين لنا معالم الخلفية الفكرية لسلوك الشخصية اليهودية، تلك الخلفية التي تصنع ـ بجدارة ـشخصيةً مطبوعةً على الانحراف، ممزوجة بالفساد؛ بفعل ما توحي به تلك المصادر الفكرية.
ونحن نعتقد أن شخصية اليهودي -في الجملة- ستظل متلبسة بالانحراف والتطرف في كافة جوانبها، ولا سيما في علاقتها مع بني الإنسانية، ولن تبرأ من الفساد أبدًا مهما كانت الظروف، ما دام هذا التراث الثقافيّ (المقدَّس لديهم) باقيًا فيهم، يُوجِّه سلوكَهم، ويَحكُم تصرفاتهم.
وقد فصّلْت هذا الأمرَ في بحثي المنشور بعنوان «الجذور الفكرية لانحراف الشخصية اليهودية»، وسوف نفرد له مقالات مستقلة -بمشيئة الله تعالى-.
ونقول لمن يمارون في هذا: قارنوا المفاهيم التي تضمنتها نصوصُ التراثِ الفكريّ اليهوديّ الذي يقدِّسونه بواقع أكثر اليهود، وسلوكهم في غابر التاريخ وحاضره، ولن تجدوا إلا المطابقة التامةَ، والموافقةَ السافرة بين تصرفاتهم وبين ما في كتبهم من تعاليم إجرامية.
أجل؛ ستجدون الغرور والتعصب ضد الإنسانية، واستباحة أموال غيرهم وأعراضهم، بل ودمائهم.
ستجدون الغدر والخيانة، والنفاق، والسعي في الأرض بالفساد، ومحاولة تدمير الأديان وطمس معالمها، وإهدار القيم والفضائل، على نحوِ ما هو مفصَّل في «بروتوكولات حكماء صهيون».
وإن على الغرب الذي يساند اليهودَ الآن على حساب مصالح الآخرين، ـ لا سيما العرب والمسلمين ـ أن يدرك أن اليهود ـ بحق ـ أعداءٌ للإنسانية، ولأصحاب الأديان الأخرى، وخاصة النصارى والمسلمين، فيراجعَ موقفَه قبل فوات الأوان.
أمّا المسلمون والعرب: فإن عليهم أن يتنبهوا إلى أنهم يواجهون عدوًّا خسيسًا، وصنفًا من أراذل البشر، طُبِع على خلال الشر كلِّها، ولابدّ مِن إعداد العدة لمناجزته، وقطعِ دابرِه، واستئصالِ شأفته من أرض الإسلام المقدسة، وكفانا غفلة أو تغافلًا عن حقيقة اليهود وطبائعهم.
يا قومنا أفيقوا من بعض الأوهام، وعلى رأسها وهم ما يسمى (السلام) مع اليهود المغتصبين لأرض القدس والإسراء.
ألم يكفكم أن اليهود لم ينفذوا شيئًا مما اتفق عليه مع الفلسطينيين والعرب؟
أرأيتم اتفاقات تعقد، ثم تتلوها اتفاقات لتنفيذ ما اتفق عليه في الاتفاقات السابقة؟!!
ثم ماذا كانت ثمرة ما يسمى بالسلام مع اليهود؟
- أمِن اليهود جيرانهم العرب والمسلمين وحيّدوهم عن نصرة إخوانهم !
- تفرغوا لتصفية المسلمين في فلسطين، وابتلاع أرضهم، وهدم ديارهم وإخراجهم منها في وضح النهار.
- لم يتوقفوا عن بناء المستوطنات اليهودية وزرعها في أنحاء فلسطين والقدس.
- إقامة مذابح مستمرة للمسلمين في فلسطين، لم يسلم منها نساء ولا شباب ولا شيوخ ولا أطفال، ولا حتى المصلون الركع السجود العاكفون في بيوت الله ..
وها هي مجازر غزة الآن شاهدة على إجرام اليهود وخستهم، وانسلاخهم من كل معاني الإنسانية والآدمية على نحو قذر وشنيع، وتنقلها شاشات الإعلام المرئيّ؛ حيث يتبجحون بحرق المستشفيات والمساجد والكنائس، فضلا عن هدم الأحياء السكنية بكاملها فوق رؤوس ساكنيها المدنيين، واستهداف سيارات الإسعاف، ومنع وصول الدواء والغذاء والماء لأهل غزة، في ظل تواطؤ من العالم المنافق.
- حفريات متوالية وأنفاق طويلة تحت المسجد الأقصى بهدف تعريضه للسقوط والهدم، تمهيدًا لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه.
- عدم السماح لأي لاجئ مشرد من أهل فلسطين بالعودة إلى داره، وغلق هذا الملف على ما هو عليه.
- لم يتوقف سيل الهجرة اليهودية من أنحاء العالم إلى فلسطين، لإحداث خلل في التركيبة السكانية لصالحهم.
إننا ـ باختصار ـ تنازلنا عن كل شيء، ولم نحصل على أي شيء !
ثم نسمع من يقول: إن السبب يعود إلى حفنة من المتشددين اليهود، كان من حظنا النكد أنهم تولوا المناصب السياسية الحاكمة في الكيان اليهود المحتل.
عجبًا لنا إذ لا نزال في غفلتنا أو تغافلنا!!
إن المشكلة ليست في بعض المتشددين اليهود كما يقال، بل هذه طبيعة أكثر اليهود، ولن يبرؤوا منها يومًا من الأيام، لأن جذور الشر متأصلة في قلوبهم، وممتدة في أعماقهم، وسارية في دمائهم، من خلال تعاليم لها قداسة في نفوسهم، يرثونها جيلاً عن جيل، ولاحقًا عن سابق.
ألا لقد آن الأوان لأن نستفيق من غفلتنا، ونبصر حقيقة عدونا، ونحسن كيف نتعامل معه بما يليق بطبيعته، وكفانا تباكيًا على ما يسمى (السلام) الذي لم ولن يقيم له اليهود وزنًا، ولم ولن يلتزموا باتفاقاته وبنوده، لأن طبيعتهم العدوانية وخلائقهم العنصرية، ونفوسهم المريضة لا تعرف ولا تقبل عدلًا ولا وفاء، بل ولا احترامًا لغير اليهود.
وصدق الله العظيم فيما قال في كتابه الكريم:{وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 62 – 64].
{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 100].
ولن يُجدي مع هذه الشخصية المفسدة في الأرض المستبيحة للحرمات، ولن يوقفها عن بغيها ويستنقذ الحقوق المغتصبة منها إلا القوة ـ ولا شيء سوى القوة ـ.
ولا يجدي مع البغي العتاب ..
فلنعتصم بالله، ولنُعِدّ العدة ليومِ جهادٍ قد دَنا .. وإنه لكائن؛ شئنا أم أبينا.
إن اليهود قد عاثوا فسادًا بحق البلاد والعباد.. وغرّهم بالتمادي في إفسادهم واستحلالهم للحقوق، واستباحتهم للأنفس والأعراض والمقدّسات حَبْلٌ مِن الناس، وعوْن من الغرب الكاره للإسلام وأهله، وتواطؤ مِنْ كثيرٍ مِنَ الحكام الخونة من العرب والمسلمين.
ولكنهذا لن يدوم، وسرعان ما تعود الأمور إلى طبيعتها، ويخضع اليهود إلى سنة الله وقضائه فيهم بضرب الذلة والمسكنة عليهم، جزاء قذارة مسلكهم، وشرور أنفسهم.
وصدق الله إذ قال: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ الله وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران: 112].
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف: 167].
وسيأتي اليوم الذي تنقطع فيه حبال البشر عنهم، ويحل بهم انتقام الله، بيد عبادٍ لله، يستأصلون شأفتهم، ويبيدون خضراءهم ..
{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 4 – 8] .
أجل{وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}؛ إن عدتم إلى الإفساد في الأرض عدنا إلى تسليط عباد لنا عليكم ، ليوقعوا ما هو جدير وخليق بكم من العقاب الإلهيّ ، جزاء وفاقًا لشروركم وآثامكم وانحرافاتكم .. والله لا يخلف وعده، ولا يعجزه شيء عن إنفاذ وعيده.
{وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].
وها هم اليهود قد عادوا ـ مع الإصرار ـ للإفساد في البلاد، وإيذاء العباد، والصد عن سبيل الله وابتغائها عوجًا، في غرور أحمق، واستكبار زائف على الله وخلقه.
ولابد من المواجهة والمفاصلة ..
وإن هذا ـ في علم الله وبقدره ـ لكائن وواقع.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
«لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهوديّ خَلْفي، فتعال فاقتله، إلا شجر الغرقد، فإنه من شجر اليهود»
(أخرجه مسلم).
وإنْ تخاذَل المسلمون الآن عن مواجهة المفسدين في الأرض، وقتال اليهود الباغين المغتصبين، ونصرة المستضعفين؛ فليعلموا أن قدر الله -تعالى- نافذ ووعده متحقق، سواء أكان هذا بأيديهم؛ أم بأيدي غيرهم.
وصدق الله العظيم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]
{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
د. إسماعيل علي محمد
أستاذ بجامعة الأزهر