مقالات

د. محمد الشرقاوي يكتب: الكتب الملغومة في علم الكلام والعقيدة!!

أرى أن علماءنا السابقين -غفر الله لهم جميعًا- قد أكثروا من التأليف في (علم الكلام والعقيدة)،

أو إن أردت الدقة قل: أكثروا من التأليف في الجدل المذهبي حول فروع العقيدة وتفريعاتها وجزئياتها وهوامشها، على حين اتفق الجميع على الأصول والكليات والمحكمات في باب العقيدة.

ونتج عن ذلك ظاهرة مؤسفة تمثلت في وضع عدد كبير جدًا من الكتب بعنوان:

(عقيدة الإمام فلان، وعقيدة الإمام علان)!!، ودارت معارك وصراعات مذهبية بين علماء الأمة تركزت حول هذه الفروع و(الثانويات) في باب العقيدة.. وابتعدت عن متنها وجوهرها وأثرها في حياة الناس أفرادًا وجماعات!!

وكما قلت -وأنا باحث وأستاذ للعقيدة في جامعات كثيرة- إن علماءنا السابقين قد ألفوا هذه الكتب (الملغومة) بكل صنوف الجدل والخلاف والصراع والتنابز والتراشق، بل والتفسيق والتبديع والتكفير أحيانًا، ورحلوا، وورثت الأجيال الجديدة هذه الكتب (الملغومة)، فأعادوا إنتاج الخصومات التي فرقت الأمة، وأسهمت في استهلاك طاقات العلماء في الجدل حول (هوامش العقيدة)،

وصرفتهم عن توظيف طاقاتهم العظيمة في بحوث مثمرة تشتد حاجة المجتمعات المسلمة إليها؛ مثل بحوث النظم السياسية والاجتماعية والإدارية والتربوية والتزكوية …إلى آخره.

وأرى أن الجانب الأعظم مما كتب في تراثنا في باب العقيدة وعلم الكلام قد أدى دوره واستنفد الحاجة إليه، وليس بنا حاجة إلى إعادة إنتاجه أو تدوير بحوثه ومسائله في عالم اليوم الذي فرض علينا تحديات كبيرة لم تواجه أسلافنا حين انشغلوا بالجدل والصراع،

لأن الأمة اليوم تمر بمرحلة عصيبة وتواجه تحديات وجودية، ربما لم تواجهها من قبل!!

والله أعلم

د. محمد الشرقاوي

أستاذ الفلسفة الإسلامية، والدراسات الدينية والاستشراقية في جامعه القاهرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى