د. محمد الموسوي يكتب: وتتوالى الفضائح.. تسليم وثائق حساسة لمعارضين إيرانيين
أفادت وكالة أنباء حرس النظام الإيراني أن المدعو «سبهر خلجي» رئيس المجلس الإعلامي الحكومي قد أعلن في صفحته على الفضاء الإفتراضي عن نقل أجهزة كمبيوتر لمنظمة مجاهدي خلق إلى إيران بحسب قوله وما نشرته هذه الوكالة الرسمية: وصل جزء من الأقراص الصلبة وصناديق الحواسيب المعروف فرديا بـ (كيس)، وأضاف قائلاًبأنهم عاكفون على استخراج المعلومات وتحديد هوية عناصر الارتباط وخلايا التخريب والنقاط العمياء،وأن النتائج التي تم الحصول عليها بخصوص استخراج المعلومات من الحواسيب تبعث على الأمل” (وكالة أنباء فارس 3 يوليو 2023).
عندما تعلن وكالة أنباء رسمية ومن أهم أجهزة السلطة الموجهة أمنياً عن هذا الخبر فإنه موقف وتصريح رسمي حكومي يؤخذ به على محمل الجد خاصة عندما لا ترد الدولة المعنية بالأمر على الجانب الآخر من الحدث وتنفي الأمر كما لم تفعل أيضا عندما قام ملالي نظام ولاية الفقيه ومسؤولوه بفضح ما خفي بين النظام الإيراني وتيار الاسترضاء والمهادنة الغربي الداعم له وحتى وصفهم بالمستكبرين الذين قاموا بإجراءات للتقرب من النظام الإيراني وكسب رضاه، وبالنظر إلى حساسية الموقف الذي أعلنت عنه وكالة أنباء فارس وهي وكالة تابعة لجهة أمنية وتنشر خبراً أمنياً في غاية الحساسية ويتعلق بلاجئين سياسيين من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة التي تهدد وجود نظام الملالي وتسعى دائما لإسقاطه وإحلال جمهورية ديمقراطية محله ويبذل النظام كل ما في وسعه من المحرمات للقضاء على المنظمة وأنصارها، ويتعلق هذا الخبر بمصادرة قوات نوعية للشرطة الألبانية لقرابة 213 جهاز كمبيوتر وأقراص صلبة من مخيم أشرف3 ومن المؤكد أن هذه الكمبيوترات تحتوي على خصوصيات لهؤلاء المعارضين ومعلومات وأخبار ووسائل تواصل هامة مع المتظاهرين داخل النظام وبتسليم هذه الأجهزة لسلطات غيستابو نظام الملالي فإن حياة مئات الآلاف من المتظاهرين والثوار الإيرانيين في خطر، ويمكن اعتبار ما أسماه نظام ولاية الفقيه بـ التعاون بينه وبين السلطات الألبانية إسهاما في قمع الانتفاضة الإيرانية وتمكين سلطات النظام القمعية من وأد الانتفاضة والقضاء عليها وهو أمر منافٍ للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية وفضيحة أخرى من فضائح خنوع مبهم لدول الناتو أمام نظام هزيل كنظام طهران، كما أن الخبر لم يولد من فراغ فقد جاء بعد عدة تصريحات،وتزامن هذا مع سلسلة من تصريحات سلطات النظام الإيراني الرسمية وعلى سبيل المثال ما ورد في بيان رسمي لوزارة مخابرات نظام الملالي الصادر بتاريخ 2 يوليو 2023 والمنشور في وكالة أنباء مهر بنفس التاريخ تعرب فيه عن ” تقديرها لتحركات الشرطة الألبانية ضد المجاهدين” وتضيف في بيانها أن: “إيران وضعت في جدول أعمالها ملاحقة الإرهابيين بجدية خارج حدودها”… ضع هنا مليون علامة تعجب على جملة ملاحقة إيران الجدية للإرهاب خارج إيران تلك الجملة الوقحة المثيرة للقرف الاشمئزاز، وتحمل تفاسير لا حصر لها ولا عد.. عن أي إرهاب يتحدثون هؤلاء الـ … وبالأمس القريب تم تبادل رهينة بلجيكية بريئة في سجون مخابراتهم مع دبلوماسيهم الإرهابي أسد الله أسدي المحكوم بـ 20 سنة سجن ولا نعرف بأي تهمة لربما بتهمة توزيع الورود المنقولة سرا بحصانة دبلوماسية على الأوروبيين، وفعلا إن لم تستحي فقل ما شئت وأفعل ما شئت، ومن أمِن العقاب أساء الأدب والمؤسف أن هناك من يعينهم على إساءة الأدب.
في هذا الصدد أيضاً أدلى الحرسي إسماعيل كوثري عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس النظام قائلاً: “لقد تم إنشاء اتصالات بين أجهزة الأمن الإيرانية ودول مثل ألبانيا منذ بضعة أشهر وقد حقق ذلك نتائج جيدة كبيرة “(صحيفة همشهري اون لاين – الثلاثاء 27 يونيو2023)، وكل تلك التصريحات يقابلها صمت غربي ومن الأطراف التي يركز النظام على ذكر تورطها معه، فبماذا يمكن تفسير هذا الأمر وما جرى وما يجري علما بأنه لم تصدر تصريحات أو أخبار عن تسليم السلطات الألبانية لأجهزة كمبيوترات اللاجئين الإيرانيين.
كعادته يغتنم نظام ولاية الفقيه الفرائس ويصطاد في المياه العكرة لكسر حدة الطوق الدولي المفروض عليه بعد تطبيعه التكتيكي مع العرب، ومن هذا المنطلق لا يكتم هذا النظام سراً بيته بالليل ولا يستر زلة حتى لو كانت من خاصة المقربين فما بالكم لو كانت تلك الزلة من تيار الاسترضاء والمهادنة الغرب أو ممن يسميهم ونعتهم نظام الملالي بالمستكبرين في أقرب تصريحات لهم بعد مداهمة 1200 عنصر من قوات أمنية ألبانية نوعية لمخيم أشرف محل إقامة اللاجئين السياسيين الإيرانيين عناصر منظمة مجاهدي خلق العدو اللدود لنظام الملالي الحاكم في إيران منذ أربعة عقود ونيف وقد فشل النظام في القضاء عليهم في العراق على الرغم من سطوته ونفوذه السياسي والأمني والعسكري هناك، ويسعى اليوم إلى تضييق الخناق عليهم في ألبانيا من خلال تواطأت أوربية قد تمهد إلى القضاء عليهم وفق مخططاته المشبوهة مع الغرب الذي لطالما تستر كثيرا على جرائم الملالي في إيران وأوروبا بحق المعارضين السياسيين لهم كمجازر الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين في إيران والانتهاكات الصارخة لحقوق داخل وخارج السجون والمعتقلات الإيرانية، واغتيال البروفيسور كاظم رجوي في سويسرا والدكتور عبد الرحمن قاسملو في فينا والدكتور صادق شرفكندي في ألمانيا وحتى الوسطاء في المفاوضات لم يسلموا من جرائم النظام وأياديه الآثمة الملطخة بدماء الشرفاء والأبرياء وكثيرة هي جرائم النظام الإيراني القبيحة لكن الأقبح منها هو التستر عليها، وعندما يُفلح القضاء الأوروبي في إدانة النظام وعناصره الإرهابية التي تستخدم وزارة خارجية الملالي كغطاء لتحركاته الإجرامية يقوم الساسة الأوروبيون في الالتفاف على القضاء وكسر هيبته بالرضوخ لابتزاز ومساومات الملالي كما حدث في قضية أسد الله أسدي الدبلوماسي الإيراني الإرهابي المحكوم بعشرين سنة سجن من قبل القضاء البلجيكي العادل في قضية إرهابية ضجت بها أوروبا في حينها، وهنا لا يمكن الجزم بأن الحكومة البلجيكية قد قامت بذلك منفردة في قضية حساسة كهذه إن لم يكن هناك توافق رسمي أوروبي بهذا الخصوص، كما لا يمكن أن يحدث ما حدث في أشرف3 دون توافق هنا وهناك.
وبالنهاية جاء مؤتمر القمة السنوية الذي تعقد المقاومة الإيرانية في بداية شهر يوليو من كل عام وبأمر من القضاء الفرنسي العادل تحدياً وكسرا لطوق المؤامرة المفروض على أشرف3 ومنظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية من قبل تيار الاسترضاء، وقد تميز المؤتمر كثيراً في هذه المرة عن سابقاتها كماً ونوعاً وفكراً واستمر لمدة أربعة أيام تداول فيها العديد من القضايا وأدان كل ما هو خارجاً عن القوانين والقيم والأعراف الدولية واختتم المؤتمر أعماله بنجاح وتفاعل معه الشعب الإيراني داخل إيران وتوافدت لأجل المؤتمر عشرات الآلاف من الإيرانيين المقيمين في أوروبا وكندا والولايات المتحدة واستراليا ونيوزيلندا وغيرها من الدول.. فهل أفلحت مؤامراتهم في النيل من إرادة الشعب الإيراني أو النيل من إرادة سكان أشرف3 بعد مهاجمتهم وقتل قيادي منهم وإصابة أكثر من مئة شخص وتحطيم ومصادرة ممتلكاتهم.. والتوجه بتركيز نحو مصادرة أجهزة كمبيوتر وأقراص صلبة بهذا العدد قد يوحي بأن الأمر لا يخلو من تخطيطٍ مُكلِفٍ قد دُبر بالليل وتعجل الملالي في فضحه عمداً وعلى الملأ.. وتمضي الأطراف قدماً مع نظام الملالي في تدبير ما هو مُخجِلٌ ليلا ويأتي الملالي ليفضحونه في ظهيرة اليوم التالي؛ وتتوالى الاتفاقات ليلاً والفضائح نهاراً.