وتظل سورة الكهف معينا خصبا لا تنقضي عجائبه فتفاجأنا دائما بالمعاني الجزلة العميقة ومنها أنواع أربع من الجهاد وهي بالترتيب التالي:
1- جهاد الطواغيت:
ينطلق فتية الكهف الصغار في دأب لا يكل بدعوة القوم لله الواحد القهار ومقاومة الطاغوتية، لكن الملك الطاغية يطلب رقابهم فيفروا إلى الكهف في فترة كمون واستعداد لفرصة مواتية للعودة بأساليب وشكل جديد للعمل الإسلامي.
﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (١٦)﴾ سورة الكهف.
2- جهاد الدعوة:
يواجه الصاحب الصالح صاحبه صاحب الجنتين الممتلئ كبرا وغرورا وكفرا؛ فيذكره بالله ثم يغلظ له القول لعله يرجع إلى ربه فيزداد غطرسة؛ فيدمر الله مصادر قوته وماله “الجنتين، فيندم ويتوب ويرجع إلى جادة توحيد رب العزة.
﴿وَأُحِیطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ یُقَلِّبُ كَفَّیۡهِ عَلَىٰ مَاۤ أَنفَقَ فِیهَا وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَیَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی لَمۡ أُشۡرِكۡ بِرَبِّیۤ أَحَدࣰا﴾ الكهف 42
3- جهاد التربية والتعليم:
موسى عليه السلام هو رسول الله ومن أولى العزم من الرسل يكابد السفر الشاق لمجمع البحرين ليطلب العلم والتزكية على يد من هو أدنى منه منزلة الخضر عليه السلام، لنتعلم منهما أصول التربية والاتباع بين العالم والمتعلم، وبين علم الشريعة وعلم الغيب.
﴿قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰۤ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدࣰا﴾ الكهف 66
4- الجهاد الحضاري:
يجوب ذو القرنين العالم كله من غربه لشرقه بعدما ملّكَهُ الله الأسباب، ومكّنَه من مهمة نشر الخير والعدل في الأرض، فينقذ الضعفاء من بأس همجية يأجوج ومأجوج.
وهذا هو الجهاد الحضاري الذي يفرضه الإسلام على أهله بالارتقاء بأنفسهم ومجتمعاتهم؛ ثم مقاومة الطواغيت في الأرض ونشر الخير والتحضر والحضارة والعدالة والقيم السماوية في الأرض جميعا.
﴿كُنتُمۡ خَیۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾ آل عمران 110
والحمد لله رب العالمين
