إن تطور تربية الماشية في المناطق السهبية لم تواكب ركب التنمية المنبثقة من البرنامج المعد من 2020-2024 مقارنة مع المشاريع التي انطلقت في هذه الحقبة وأعطت تحولا ملحوظا ووجها جديدا للبلاد. في حقيقة الأمر تربية الماشية (أي الأغنام) كانت موردا هاما خلال الحقبة الاستعمارية في المنطقة تمويلا وتصديرا إلا أن المحيط الفكري للمنطقة لم يعطها دفعا أو نمطا جديدا تخرج منه وتتخلص من الأسلوب والمعاملة الموروثة في التربية بالطريقة التقليدية لتلبي حاجة المواطن المتزايدة.
أصبح فرض عين على كل الولايات التي تمتاز بثروة ما (سكيكدة الفرولة – خنشلة التفاح – بومرداس العنب – بسكرة التمر- كمثال) التخطيط والتطوير العصري لتلك الثروة الموجودة ليصبح تحولا واقعا. فمن خلال البرنامج المسطر في الخماسي والبرامج التكملية، أين تلح السلطة العمومية على تطوير الثروة الخاصة بكل ولاية قصد وضع قواعد أساسية للاقتصاد الوطني والاستغناء عن الاستيراد. فما يلاحظ في الولايات السهبية، أن توفير المادة اللحوم الحمراء لم يلبي حاجة السوق كما كان عليه في السابق رغم سياسة الدعم والمرافقة من طرف الدولة (إنشاء مذبحة جهوية بحاسي بحبح ولاية الجلفة، يعتبر رسالة للولايات السهبية في تطوير هذا المنتوج الذي تتميز به).
إن سوء وضعية تنمية الثروة المحلية تعدت إلى استيراد اللحوم البيضاء هذه السنة لتلبية حاجة السوق. يتساءل البعض أين الخلل؟ هل هو متعلق بالطريقة التقليدية لتربية الماشية؟ أو لازدياد عدد السكان وتقلص مساحات الرعي وما يترتب عليها من مصاريف؟ الكل متفق أن الوضعية تتطلب حلول تتماشى مع تطور المجتمع وأسلوب تطوير الاقتصاد. ربما يكون هذا راجع لخصوصية تفكير المنطقة وعدم تفتح الموال على طريقة عصرية تسمو بالمنطقة في هذا المجال من إنشاء الموال الناشئ وتحديد منطقة الرعي الخاصة به وتمويله ومساعدته من خلال تجارب الدول الرائدة في هذا المجال كأستراليا رومانيا مثلا.
ما يلاحظ أنه حتى البحث العلمي في هذا الجانب ضعيف رغم إنشاء الكليات في الجامعات وخاصة الولايات المعنية، ما زلنا لا نرى تغييرا في الواقع الميداني وبقيت مجرد النظريات المكتوبة لنيل الشهادة ولم يقتحم الموال الميدان بقناعة بنمط معين من خلال التحسيس بأهمية المتطلبات المفروضة مقارنة بما نشاهده في بعض الولايات التي تنفذ البرامج المخصصة لمنطقاتها.