أحد شيوخنا في العربية.. وفاة فضيلة الشيخ الدكتور علي لقم
د. خالد سعيد
بلغني ببالغ الأسف والأسى أحد شيوخنا في العربية؛ وهو فضيلة الشيخ الدكتور علي لقم رحمه الله، وكان أستاذاً للغة العربية بجامعة الأزهر الشريف، وهو من العزيزة من قرى مركز المنزلة بمحافظة الدقهلية.
وهي القرية التي أنجبت الكثيرين من الرجال منهم الصحاب والأحباب، وعلى رأسهم فقيد اليوم الذي أعتز بأنني أحد من درسوا عليه اللغة العربية الشريفة، إذ تشرفت بدراسة شرح قطر الندى وبل الصدى لابن هشام الأنصاري -رحمه الله- على يديه في معهد إعداد الدعاة بالمنصورة منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
كما درسني في علم الحديث وفي نفس المعهد كتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي مع حفظ مائتي حديثاً شريفاً منها.
كما درست على الشيخ في بيته المبارك مع الإقراء قسطاً وافراً من شذور الذهب لابن هشام رحمه الله كذلك، وكان زميلاً لي في نفس المجموعة شيخنا أشرف عبد المنعم فك الله أسره، وأخي د. أبو المنصور الدرعمي حفظه الله، وكلاهما متخصصان ومن شيوخنا وإخواننا القدامى.
والشيخ علي لقم هو ذلك الخطيب المفوه المتين الرصين واسع المعرفة، متعدد الفنون وقد درس على يديه المئات في عدد من العلوم الشرعية إضافة إلى مادة تخصصه في اللغة العربية، متقن متبحر، لم يركن يوماً لظالم ولم يوصم بتهمة، وأكثر ما يميزه هو التواضع الحقيقي من غير تكلف ولا تصنع، إذ كان يقدمنا ويعاملنا بتوقير واحترام وكاننا شيوخه لا طلابه.
ورغم هدوئه الطبعي وتجنبه للصدام مع النظام إلا أن ذلك لم يمنعه من قول الحق على المنابر في أشد الظروف وأحلكها، كما لم يعفه من التضييق الأمني والمنع من الخطابة عدة مرات.
وإن مما يؤلم القلب ويحز في النفس أنني لم ألقه منذ أمد بعيد، وسنوات كأنها الدهر، كما ليس مقدراً لي حضور جنازته والصلاة عليه، وبفقده وأمثاله نقص العلم ورحل الكبار والأخيار، وأقفرت البلاد من رياضها.
رحم الله الشيخ الكريم وأحسن إليه وأجزل مثوبته وغفر ذنبه وتجاوز عنه وجعل خير أيامه يوم لقائه، وألحقنا به على خير وجمعنا به في دار كرامته مع سيدنا النبي ﷺ والصالحين من عباده؛ سبحانه وتعالى إنه جواد كريم.