“أخِي”.. شعر: الشيخ شريف قاسم
( مع الفاتحة : إلى جميع شهداء الدعوة الإسلامية على امتداد الغبراء في عصر حضارة الظلم والبغي والأضغان ……. وهـم في جنَّات الخلود، إن شاء الله عـزَّ وجلَّ )
—————————————–
لـنـا فــي الـحـياةِ وثـيقُ انـتماءْ … بـحـمـدِ الـكـريـمِ بــهـذا الإخــاءْ
مضيْتَ وأمضي ويمضى الورى … ويـبـقى بـطـيِّ الـغـيوبِ الـوفاءْ
وُعِـدْنا أخي في الكتابِ العظيم … وفـــي هَــدْيِ أحـمـدَ والأنـبـياءْ
فـــإنــا بــــإذنِ الإلــــه الــكـريـم … بــجـنَّـةِ عــــدْنٍ يــكـونُ الـلـقـاءْ
مــنـابـرُ مـــن نـــورِ ربِّ الـعـبـاد … تــكـونُ لأهــلِ الـتُّـقَى والـوفـاءْ
وعِـشْـنا سَـويًّـا قُـبَـيْلَ الـرحـيل … بــظِــلِّ الــمــودةِ أبــهــى إيــــاءْ
أراكَ فـيَـبـسمُ حــولـي الــدجـى … ويـأتـي الـدجى مـقمرًا بـالضياءْ
فَـتُجْلَى الـهمومُ وَيُطْوى الأسى … وتــرحـلُ عــنَّـا الـشـجونُ هَـبَـاءْ
وتـصـفو لـنا الأمـسياتُ الـعِذاب … ويـحـلو بـحقلِ الـوصالِ الـثَّواءْ
وأقـطـعُ دربًــا طـويـلَ الـخُـطَى … فـأُلْـفِي بـوجـهكِ طـيـبَ الـلـقاءْ
كــأنَّـك صــبـحٌ لِـلَـيْلِي الـطـويل … وفـيـه ابـتـهاجي وفـيـه الـهـناءْ
أخـي يا أخي نِعْمَ تلكَ الطيوف … تُــجـدِّدُ إنْ مـــا دُهـيـتُ الـعَـزاءْ
وعـشـنا حـقـيقةَ صـفوَ الـقلوب … فـأنـتَ أخـي لـيس فـيه افـتراءْ
ولـستُ بـحاجةِ مَن في الطريق … وأنــتَ الـرفـيقُ فـمـا مِــن ريـاءْ
كـــأنِّــيَ أعــلــمُ مــــاذا لــديــك … إذا مـــا نــظـرتُ بـحـالِ ابـتـداءْ
طـويْـتَ أُخــيَّ عــوادي الـزمان … وتـلك الـتي فـي يَـدَيْها اجـتراءْ
فـلـلهِ عـشـنا الـسَّـجايا الـحِسان … ودادَ الـقـلـوبِ وحُــسْـنَ الــولاءْ
جـنـيـنا الـتَّـضامُنَ فــي سـعـيِنا … فَـحُـلْوُ الـمزايا وصـدقُ الـمَضاءْ
وهـل مـن مـناصٍ لـعيشٍ سعيد … بـغيرِ الـصلاةِ وغـيرِ الدعاءْ (1)
وذلــــك مـنـهـجُ أهـــلِ الـيـقـين … بـــربِّ الـخـلائـقِ أهــلِ الـرجـاءْ
بـأخـلاقِنا لــم نــزلْ فــي سُـمُـو … يـبـدِّدُ بـالـطيبِ عـصـفَ الـشقاءْ
طُـمَـأنـينةٌ فــي شـغـاف الـفـؤاد … وروحٌ وريـحانُ زهـوِ الرداءْ (2)
أُخُــــوَّةُ قــلـبٍ يـجـيـدُ الــوئـام … ويـنـشـدُ لـــلأخِ أصـفـى الـثَّـناءْ
وتـحـلو لـنـا الأُمـنـياتُ الـوِضـاء … بــثـوبِ الـخُـلودِ الــذي لايُـسـاءْ
فـنـسعدُ يـومَ الـحسابِ الـعسير … وأهــــلُ الـكـبـائرِ قــيـدُ الـعـفـاءْ
فـــعــفــوٌ ومــغــفــرةٌ لــلَّــذيــن … تــنــاءَوا وردُّوا قــبـيـحَ الـغـنـاءْ
وعــافـوا الـتَّـبـذُّلَ والـمـنـكرات … وهـــــذا الــعـنـادَ وذاكَ الــمِــراءْ
فـفي الـقربِ مـن بارئ الكائنات … نــعــيــمٌ مــقــيــمٌ فـيـالَـلْـحِـباءْ
بـنـعـمـةِ ربِّــــي نــنــالُ الـنـعـيم … وذلــــك فــضــلُ إلــــهِ الـسَّـمـاءْ
فَــيـومُ الـقـيـامةِ يـــومٌ عـسـيـر … عـلـى الـظـالمين وأهــلِ الـشَّقاءْ
ويــشــفــعُ فـــيــهِ أخٌ لأخـــيــه … إلــــى جــنَّــةٍ يـمـشـيانِ ســـواءْ
فـنـعمَ الأُخــوَّةُ فـي ذي الـحياة … حــيـاةٍ تـــزولُ ويـبـقى الإخــاءْ
يــحـبُّ الإلـــهُ الــولـيُّ الـكـريـم … أخًـا لـيس ينسى جميلَ اهتداءْ
وحُـلـوَ الـلـقاء وصــدقَ الـحنين … لِـمَـنْ قــد أجــابَ سُـمُـوَّ الـنِّـداءْ
فـحـبُّك فــي اللهِ أرقــى الـولاء … وأصـفـى الـمزايا وأنـدى الـوفاءْ
فـطـوبى لِـمَـن نـالَ هـذا الـمقا …. وبشرى حَبَتْهُ بيـــــــــــــــــــــومِ اللقاءْ
فــــظـــلٌّ إلـــهـــي لِـنَـفْـسَـيْـهـما … فــنــالاهُ حــبًّــا بــهــذا الــحِـبـاءْ
هــو اللهُ فــي الـحـشرِ يـأويـهما … لــحــبِّ بـــدا مـنـهـما والـتـجـاءْ
عـلـيـه هــمـا اجـتـمعا والـفـراق … عـلـيـه ولـمَّـا يَـقِـدْهُ الـفـناءْ (3)
فــهــذا الإخــــاءُ عـقـيـدةُ مَـــن … أقـــــامَ الــعـقـيـدةَ لــلأصـفـيـاءْ
ولــيـس الإخـــاء كــلامـا يُـقـال … ولــكــنْ بـفـعـلِكَ يــأتـي الـبـقـاءْ
فـــمــنْ مِــنَــنِ اللهِ ربِّ الــعـبـاد … إخــاءٌ عـلـيه تـجلَّى الـرواءْ (4)
فـحُبُّك فـي الله أصـفى الإخـاءْ … وهـــذا اعـتـصـامٌ يـزيـد الــولاءْ
فـصـدرُكَ يـبـقى سـلـيمَ الــرؤى … ويـبـقى حـديـثُك عَــذْبَ الإنـاءْ
فـتُـمحَى الـضَّغائنُ والـمفسدات … وتـبـقَـى الـمـآثـمُ رهــنَ الـحَـفاءْ
أخــــاك أخــــاك فَـسَـلِّـم عـلـيـه … وردَّ الــســلامَ بــطـعـمِ الــوفــاءْ
أجـــبْــهُ حَــفِــيًّـا إذا مـــادعــاك … وهـــرولْ إلــيـه لـطـيـبِ الـلـقاءْ
وقــدِّمْ لــه الـنـصحَ فـيـما يـفيد … بـلـفظِ الــودودِ وحــالِ اخـتـفاءْ
وتـشـميته إنْ سـمعتَ الـعطاس … فــــإنَّ إلــهـي يـجـيـبُ الــدعـاءْ
وحَــبِّـبْ لـنـفـسِك حــبَّ الـهـناء … وحـــبَّ لـــه مــثـل ذاك الـهـنـاءْ
ولا تـنس فضلَ التواصي الأثير … بــحــقٍّ وصــبــرٍ لــدفـع الــبـلاءْ
وذكِّــــــرْهُ بـالـبـاقـيـات الـــتــي … تــقــودُ خُــطــاهُ لــــدارِ الــثَّـراءْ
ثـــراءِ الـتَّـقـيِ بـخـيـرِ الـخـلـودِ … ورؤيــــةِ ربِّــــي عــيـانًـا لِــــرَاءْ
وجـدِّدْ لـه الـحبَّ فـي كـلِّ حين … وســامـحْ أخـــاك إذا مــا أسَــاءْ
فـعُـمْـرُ ابـــن آدمَ عــمـرٌ قـصـيـر … فـبـادرْ وخُـذْ مـن هُـدَى الأنـبياءْ
————————–
هوامش :
(1) مناص : ملجأ أو مَفَــر .
(2) شغاف : بطانة القلب .
(3) ولما يَقِدْهُ الفناء : لـم يقطع الموتُ حبلَ الإخاء .
(4) الرواء : بهـاء الشيء وحُسْنُه .