أمة واحدة

إفتاء ليبيا تُفَسِّر قوله تعالى :”وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ”

تستمر دار الإفتاء الليبية بالدور الدعوي والرد على أسئلة الجمهور فيما يتعلق بأحكام الشريعة الإسلامية.

وعبر صفحتها على موقع ” فيس بوك” نشرت دار الإفتاء الليبية سؤالًا لأحد الأشخاص جاء فيه ما تفسير قوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)؟.

وجاءت الإجابة كالتالي:” هذا النهي موجه للمشركين ومن يفعل فعلهم من المسلمين، ومضمون هذا النهي تحذير المشركين؛ بأن المجدي لهم ليس التقول على الله بالتحليل والتحريم، حسب أهوائهم بغير علم، باستعمال القياسات الفاسدة، كتحليل الميتة والربا وعبادة الأصنام، فهذا من اتخاذ الدين هزؤا ولعبا، كما تقدم في قوله تعالى (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) بل كان الأولى والأجدر بهم الذي يجنبهم سوء المصير أن يتركوا الإثم، ما ظهر منه وما بطن، وجملة (وَلَا تَأْكُلُوا) معطوفة على قوله (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ).

وأضافت :” الذي منعتم من أكله هو ما ترك ذكر اسم الله عليه، والذي لم يذكر اسم الله عليه ولا يؤكل بالاتفاق نوعان:

الأول: الميتة، وهي ما مات من الحيوان حتفَ أنفه.

والثاني: ما تركت التسمية عليه عمدًا؛ استخفافًا أو إرضاءً لغير الله، كالذبح للجن أو غيره؛ لأنه في معنى ما أُهلّ به لغير الله.

وما عدا هذين النوعين هو ما فيه اختلافٌ بين الفقهاء، وهو ما تركتِ التسميةُ عليه عمدًا، تثاقلًا وليس استخفافًا، ولا إرضاءً لغير الله، قال المالكية في المشهور: لا تؤكل ذبيحة تارك التسمية عمدًا، وتؤكل ذبيحة التارك نسيانًا؛ لأن الناسي معذور؛ لرفع التكليف عنه وقت النسيان، والعامد لا عذر له، وهو قول الحنفية والحنابلة( ).

وقال المالكية في الرواية الأخرى: تؤكل ذبيحة التارك عمدًا لغير استخفافٍ أو إرضاءٍ لغير الله، وكذلك الناسي، وهو قول الشافعي( )؛ لأن النهي في (وَلَا تَأْكُلُوا) محمول على مَا (أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) وقال الظاهرية: لا تؤكل ذبيحة التارك عمدًا أو نسيانًا؛ لظاهر النهي في قوله (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ).

و(مِن) في (مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) بيانية، وما اسم موصول واقع على الذبيحة وهو ما تركت التسمية عند ذبحه، وقوله (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) عطفٌ على (وَلَا تَأْكُلُوا) وهو مثالٌ لعطف الخبر على الإنشاء.

والضمير في قوله: (وَإِنَّهُ) يعود إمّا على ترك التسمية على الذبيحة في قوله (مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وإمّا على الأكل منها، ووصفه بالفسق معناه أن فعل ما ذكر من تعمد ترك التسمية على الذبيحة أو أكلها والحالة هذه إثم بالغ، وجرأة على المعصية.

والوحي في قوله (لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ) أصله الكلام الخفي، ومعناه: الشياطين يوسوسون إلى أوليائهم وأمثالهم، فأولياؤهم: أحبابهم وقرناؤهم، أي وإن شياطين الجن ليوسوسون لقرنائهم من الإنس بالإثم، وقوله (لِيُجَادِلُوكُمْ) أي لينازعوكم ويخاصموكم بالشبه والحجج الكاذبة، يلقونها عليكم، كقولهم: كيف تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون الميتة التي قتلها الله؟.

والخطاب في (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) للمسلمين أي وإن أطعتم الشياطين وأولياءهم من المشركين، واتبعتموهم بتحليل ما حرمه الله، وتغيير أحكامه؛ أشركتم بالله، وكنتم مثلهم، فإن من تعمد تحليل ما حرمه الله، أو تحريم ما أحلَّه الله؛ فقد رد أمر الله، وعارضه وخطَّأه في حكمه وأمره ونهيه، ومن فعل ذلك خرج عن الإسلام، فإن الإسلام هو الاستسلام لله، والانقياد لأمره، فضمير الفاعل وهو الواو في أطعتموهم للمسلمين، ومير المفعول وهو الهاء مع ميم الجمع للمشركين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights