إياد العطية يكتب: مأزق النخب
كثير من النخب الفكرية اليوم وقعت في مأزق كبير، وهو عدم القدرة على فهم متطلبات المرحلة الحالية بشكل متوازن، مما أدى إلى اضطراب رؤاهم.
يجدون صعوبة في التوفيق بين التجديد والتطور والمحافظة على الثوابت، وهوما يعكس القصور في فقه النوازل وفهم السنن الإلهية الكونية التي تحكم الحياة على الأرض.
فبعضهم، عند تقديم رؤيته للأحداث الحالية، يختل توازنه ويضحي بالثوابت، فيقع في محاذير شرعية وسياسية.
بينما آخرون يتمسكون بالثوابت بشكل صارم وجامد، فلا يتحركون ولا يتفاعلون مع الواقع المحيط بهم، بل ينتظرون المعجزات أو الخوارق لتغيير الحال.
افتقار هذه النخب إلى المرونة والتوازن أضعف قدرتها على الجمع بين المحافظة على الثوابت والتكيف مع المستجدات.
فبدلاً من أن يقودوا الأمة نحو رؤية استراتيجية شاملة، أصبحوا عاجزين عن قراءة المرحلة بشكل صحيح. وأحيانًا، تجد أن العامة أعمق فقهًا منهم في هذه الأمور؛ إذ يفهمون الثوابت بعمق أكبر، ويثبتون في عقيدة الولاء والبراء، ويظهرون قدرة أفضل في قراءة المشهد السياسي.
العديد من الدعاة والمفكرين أضاعوا البوصلة في هذه المرحلة الحرجة التي تحتاج فيها الأمة إلى توجيه فكري وسياسي واضح.
البعض يعتقد أن التوسط في جميع الأمور هو الحل الأمثل، فيسعى لتجنب صفة التطرف أو الإرهاب بأي ثمن، فيلين في مواقفه مع أعداء الدين، ظنًا منه أن هذا نوع من «السياسة الشرعية» أو الفقه العميق لجمع الناس حول هدف استراتيجي.
لكن الحقيقة أن هذا التوجه لا يعدو كونه خلطًا بين المصالح الشخصية ومصالح الأمة.
في هذه المرحلة، من الضروري أن تكشف الأمة عن جميع المتآمرين على مصالحها، سواء في مواقع السلطة أو الفكر.
إسقاط هذه الفئات المتآمرة أمر حتمي، حتى نصل إلى تلك النخب الفكرية والدعاة الذين لا يزالون يخلطون بين مصالحهم الشخصية وواجبهم تجاه الأمة. بهذه الطريقة فقط، يمكن للأمة استعادة بوصلة الإصلاح والنهضة الحقيقية.
ومن لوازم هذه المرحلة، سيبرز من عمق الواقع قادة ودعاة ومفكرون غير ملوثين بمرحلة الاستضعاف، ليقودوا الأمة إلى بر الأمان.