مقالات

إياد العطية يكتب: محور الشر بين الطموح الفارسي والصليبية الغربية

«التفت الحية بالحية فأحكمت حبلاً من السوء مبرمًا»

تسعى إيران إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية الكسروية على جماجم العرب والمسلمين،

الذين دمروا هذه الإمبراطورية في السنة السادسة عشرة للهجرة النبوية، وشتتوا ملك فارس بعد أن بلغ أقصى الأرض.

ولتسويق مشروعها الإمبراطوري، رفعت إيران شعار «مظلومية أهل البيت» رضي الله عنهم، لتستخدم الشيعة مطيةً لها،

وتجعلهم وقودًا لحربها حتى تحقق أهدافها. وهذا يشبه ما فعله اليهود في تسويق كذبة «محرقة اليهود» لاستقطاب يهود العالم إلى قضيتهم.

بدهاء فارسي، استثمرت إيران رغبة أمريكا في دخول المنطقة عسكريًا،

فتخلصت من أخطر عدو لها على حدودها الشرقية، وهو دولة طالبان، التي كانت مصدر قلق دائم.

ثم اجتهدت بقوة لمساعدة أمريكا على احتلال العراق للتخلص من عدو آخر خطير على حدودها الغربية: نظام صدام حسين.

وهكذا، تخلصت إيران من عدوين لدودين دون أن تطلق رصاصة واحدة، ولا تنفق تومانًا واحدًا.

وقد أكدت تصريحات المسؤولين الإيرانيين هذه الاستراتيجية. فقد صرح الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قائلاً:

«الفضل يعود لإيران في إسقاط حكومة طالبان في أفغانستان».

كما صرح وزير الدفاع علي شمخاني: «على أمريكا ألا تنسى فضل إيران في دخولها أفغانستان والعراق».

هذه الرسائل فهمت جيدًا من الأمريكيين، فبنوا عليها خططهم الاستراتيجية في المنطقة،

مما أدى إلى اجتماع أمريكا وإيران على هدف استراتيجي كبير ذَوَّبَ الخلافات الجانبية بينهما، حتى وإن كان مؤقتًا:

القضاء على العدو الأصيل المشترك بينهما، الإسلام “العملاق النائم”، الذي بدأ يصحو من سباته لاستعادة أمجاد أمته. فوجب التصدي له والقضاء عليه.

الإسلام، في هذا السياق، يعد الخطر الحقيقي الذي يهدد بزوال المشروعين الصليبي والفارسي إلى الأبد.

هذا هو السر وراء تحالفهم الكبير، والذي يعد الأخطر على الأمة الإسلامية.

التحالف الثلاثي: أمريكا، إسرائيل، إيران:

تدرك أمريكا وإسرائيل أن الإمبراطورية الفارسية التي تسعى إيران لإعادتها، في هذه المرحلة،

لا تشكل تهديدًا على أمن إسرائيل أو المشروع الصهيوني، ولا تتقاطع مع مصالح أمريكا وأطماعها في المنطقة،

بل على العكس، تجد أمريكا وإسرائيل في إيران حليفًا يخدم استراتيجيتهما في المنطقة،

خاصة في ظل الخطر الذي تشكله الحركات الإسلامية السنية الساعية إلى إعادة بناء دولة إسلامية على منهاج النبوة.

من هنا جاء التحالف الثلاثي: الصهيوني، الأمريكي، والصفوي، للقضاء على الأصولية الإسلامية التي تهدد مشاريع هذا التحالف.

هذا التحالف الشيطاني تؤكده التقارير البحثية لمجلس العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي،

حيث أوصت تلك التقارير بالتعاون مع إيران في مكافحة الأصولية الإسلامية السنية.

وهذا ما أكده السياسي والمفكر الاستراتيجي “دنيس روس” في كتابه “فن الحكم”، قائلاً:

“يمكن تعديل مسار إيران وجعلها حليفًا، لأنها دولة طامحة لبناء إمبراطورية فارسية، أما الإسلاميون فيجب القضاء عليهم”.

إيران: الذراع العسكرية للتحالف:

بدأت أمريكا بإطلاق يد إيران في المنطقة، فاحتلت العراق وتسعى لجعل بغداد عاصمة لإمبراطورتيها المنشودة،

كما صرح بذلك مستشار الرئيس الإيراني، علي يونسي، قائلاً:

“إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليًا”.

كما تدير إيران المعركة في سوريا ضد المجاهدين لإبقاء نظام الأسد في الحكم، حليفها الاستراتيجي.

وهي التي تحكم لبنان بقوة السلاح من خلال حزب الله، الذي كلّف بمهمة حماية حدود إسرائيل،

وهو ما أكده حسن نصر الله في تصريحاته.

في جنوب اليمن، تدعم إيران الحوثيين للسيطرة على المنطقة، مما يمكّنها من محاصرة السعودية من جهتي اليمن والعراق،

إضافة إلى دعم شيعة القطيف جنوب السعودية.

أهداف إيران الاستراتيجية تشمل هدم الكعبة والسيطرة على أرض الجزيرة، للانتقام من العرب والثأر منهم على تدمير إمبراطورتيها القديمة.

ماذا يجب علينا؟

إن الخطر المحدق بالأمة لا يمكن لجماعة أو تيار أو منظمة أن تتصدى له بمفردها، الواجب اليوم يلزمنا بتضافر الجهود واستنفار طاقات الأمة جمعاء لمواجهة هذا التحالف الخطير.

يجب علينا إدارة المعركة بشكل شمولي وبحسن تخطيط، كي نتمكن من مواجهة هذا التحالف الثلاثي والقضاء عليه.

كما أن تمدد إيران في المنطقة قد أثقل كاهلها بالالتزامات وأثر على اقتصادها، مما خلق أزمة داخل الشارع الإيراني.

علينا استغلال هذا الضعف الداخلي ودعم الحركات الثورية داخل إيران من الأحوازيين والبلوش وغيرهم، والعمل على نقل جزء من المعركة إلى الداخل الإيراني.

الخلاصة:

التحالف الثلاثي بين أمريكا، وإسرائيل، وإيران يهدف إلى محاربة الإسلام بشموليته ولا يمكن لجماعة أو حزب أو تيار لوحده أن يواجه هذا الخطر الذي يترصد الأمة في كل مفاصلها،

ولا خيار للأمة في مواجهة هذا التحالف إلا من خلال الوحدة، وتنسيق الجهود وتظافرها، والعمل المشترك في كل بقاع الصراع.

علينا أن نعمل بقوة ووعي لاستثمار نقاط ضعف هذا التحالف وتحويلها إلى فرص للقضاء عليه.

إياد العطية

كاتب وباحث في شؤون الأمة ومهتم بتاريخها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى