أعلن إيلون ماسك يوم 5 يوليو 2025 عن تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم “حزب أمريكا” (America Party)، كرد فعل مباشر على توقيع قانون “Big Beautiful Bill” الذي صادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي مطلع يوليو،
والذي تضمن تقليص الحوافز المخصصة للسيارات الكهربائية، ما يُعد ضربة مباشرة لمصالح تسلا، الشركة التي يقودها ماسك. الإعلان جاء بعد استفتاء شعبي أجري على منصة X شارك فيه أكثر من 1.2 مليون شخص، صوّت 65.4٪ منهم لصالح تأسيس الحزب، ما منح ماسك دعمًا معنويًا أوليًا للتحرك سياسيًا. (El País)
هذا التصعيد بين ترامب وماسك لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات، كان أبرزها تأييد ماسك لبعض توجهات ترامب سابقًا، قبل أن يصف الحزب الجمهوري في الآونة الأخيرة بـ”حزب الخنازير السمين”، منتقدًا انحرافه عن مبادئ السوق الحرة والتكنولوجيا.
من جهة أخرى، أبدى ترامب غضبًا علنيًا، ملمّحًا إلى إمكانية “مراجعة عقود ماسك الحكومية” أو حتى ترحيله، رغم أن ماسك يحمل الجنسية الأمريكية منذ عام 2002، مما يجعل تهديد الترحيل غير قابل للتطبيق قانونيًا. (فوكس نيوز)
في الوقت ذاته، يُنظر إلى تأسيس الحزب الجديد باعتباره محاولة لكسر احتكار الحزبين التقليديين، الجمهوري والديمقراطي، للسلطة التشريعية، خاصة في ظل تنامي شريحة من الأمريكيين الذين لا يشعرون بالتمثيل الحقيقي ضمن الإطار الحزبي الثنائي.
ماسك صرّح أن الحزب سيستهدف “80% من الأميركيين الذين ينتمون للوسط السياسي”، مؤكدًا أن استراتيجيته تتمثل في كسب ما بين 2 إلى 3 مقاعد في مجلس الشيوخ، و8 إلى 10 مقاعد في مجلس النواب، ليكون بذلك بيضة القبان في صنع القرار التشريعي.وفق (CNBC)
تحليل سياسي أجرته جامعة جورجتاون يشير إلى أن دخول شخصية مثل ماسك إلى الساحة السياسية قد يغير معادلات القوى في واشنطن، خاصة أن لديه قاعدة جماهيرية ضخمة من الشباب ورواد الأعمال، إضافة إلى امتلاكه واحدة من أكبر المنصات الإعلامية تأثيرًا حاليًا (X).
ومع ذلك، يحذر بعض المراقبين من أن تحركه السياسي قد ينتهي إلى مصير مماثل لمحاولات سياسية سابقة من رجال أعمال، مثل روس بيرو، الذين فشلوا في خلق كتلة مؤثرة على المدى البعيد، بسبب تعقيدات النظام الانتخابي الأمريكي. (Washington Post)
من الجانب القانوني، لم يتم حتى الآن تسجيل “حزب أمريكا” رسميًا لدى لجنة الانتخابات الفيدرالية، وهي خطوة حاسمة تتطلب جمع توقيعات أو قاعدة عضوية محددة حسب كل ولاية. على الرغم من أن ماسك يمتلك موارد مالية ضخمة تمكنه من اجتياز العقبات التنظيمية، إلا أن البيئة القانونية والسياسية الأمريكية لا ترحم، لا سيما عند الاصطدام بالمؤسستين الحزبيتين القويتين. (Politico)
في السياق الجيوسياسي، يرى بعض المحللين أن الحزب الجديد قد يفتح نافذة لمقاربات سياسية أكثر انفتاحًا على التكنولوجيا والاقتصاد الحر، من خلال دعم مطلق لحرية التعبير، تطوير الذكاء الاصطناعي، وفتح باب الهجرة للعمالة الماهرة، وهو أمر قد يُحرج الجمهوريين الذين باتوا أكثر ميلاً للحمائية والتشكيك في التقنية. (The Atlantic)
في المقابل، يتهم خصوم ماسك بأنه يخلط بين المصالح التجارية والرؤية السياسية، خاصة أن برنامجه الحزبي ينسجم تمامًا مع أولويات شركاته: تسلا، سبيس إكس، نيورالينك، وهايبرلوب، مما يثير مخاوف من “أمركة النموذج السياسي التكنولوجي الصيني” حسب وصف بعض النقاد. (New York Times)
في النهاية، ما بين طموحات ماسك وتحديات ترامب، يبقى المشهد الأمريكي أمام منعطف غير تقليدي، قد يفتح الباب لحقبة جديدة من التحالفات السياسية، حيث تكون السيليكون فالي طرفًا فاعلًا فيها لا مجرد ممول.
السؤال الأبرز الآن: هل سيصمد حزب ماسك الناشئ أمام واقع سياسي صلب ومؤسساتي؟ أم أن المشروع مجرد فورة رد فعل ستتراجع تدريجيًا مع مرور الزمن؟ (Foreign Policy)