الدين النصيحة… والعمل السياسي أرقى أنواع النصيحة.

عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم. والدين هو دين الإسلام الحنيف، وهو رسالة الله لعباده لصلاح حياتهم واطمئنان عيشهم والنجاة في آخرتهم يوم الحساب والجزاء ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾.
وفي هذا الحديث المبارك عظّم الرسول ﷺ النصيحة فجعلها هي الدين، «الدين النصيحة» فعرَّف الدين بأنه نصيحة؛ لأن النصيحة هي جُلُّ الدين، وهذه المسألة هي من الأهمية بمكان، فإن الله عز وجل أبلغنا أنها كانت وظيفة الرسل، فقال عن نوح عليه السلام: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾، قال ابن الأثير رحمه الله: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة، وهي: إرادة الخير للمنصوح له… وقال: فلا يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة غير كلمة النصيحة، أي: بلغ من جماع هذه الكلمة وبلاغتها أنه لا يمكن التعبير عن هذا المعنى بكلمة واحدة إلا كلمة النصيحة.
وقال ابن حجر رحمه الله: النصح هو تخليص الشيء من الشوائب والغش. فكأنه شبه الناصح بأنه يخلص المنصوح من الغش، ويخلصه من الشوائب التي علقت به وبحاله، كما يخلص العسل من الشمع والشوائب.
إخوتي الكرام: إن كلمة «نصيحة» مأخوذة من الفعل نصح، قال ابن منظور في لسان العرب: نصح أي: خلص، والناصح أي: الخالص من العسل وغيره، العسل إذا كان صافياً يسمى ناصحاً أي: خالصاً، وتقول: نصحت فلاناً ونصحت له، تقول: نصحته ونصحت له، ونصحت له أفصح؛ لأن القرآن ورد بهذا.
وقبل الختام نقول: إن النصيحة: هي إحسان إلى المنصوح بصورة الرحمة له، والنصيحة قد جاءت الأدلة عليها من الكتاب والسنة، كما بيّنا سابقا.
والعمل السياسي الذي يبين مواطن الخطر فيحذر منها، ويدل على موطن الخير ويدعو لها هو من أرقى أنواع النصيحة، لأن فائدتها عامة تعم الناس جميعاً حكاماً ومحكومين.
ولقد أبدع الشاعر أحمد شوقي رحمه الله تعالى في قصيدة رثاء الخلافة في تصوير مكانة الناصح الأمين، فقال:
من قائل للمسلمين مقالة
لم يوحها غير النصيحة واح
حب لذات الله كان ولم يزل
وهوى لذات الحق والإصلاح
إني أنا المصباح لست بضائع
حتى أكون فراشة المصباح
فيجب على من يتقدم للعمل السياسي من أحزاب وأفراد وجماعات، أن يكون عمله خالصاً لوجه الله من جهة، وأن يكون داعياً لأخذ المعالجات والحلول من دين الإسلام من الأحكام الشرعية الربانية.
وختاماً نقول: إن النصر الذي منّ الله به على ثورة الشام المباركة، يحتاج إلى تثبيت بالحمد والشكر لله تعالى، ويحتاج إلى المحافظة عليه ببدء معركة التغيير، تغيير دستور النظام البائد إلى دستور إسلامي على نهج النبوة.
تغيير النظام الجمهوري البائد إلى نظام إسلامي على نهج النبوة.
تغيير الرؤية السياسية التي كانت في العهود السابقة من التحكم والسيطرة والاستبداد والمصالح الشخصية الضيقة، إلى سياسة الرعاية الشرعية والقيادية بمسؤولية، والله نسأل أن يستعملنا في طاعته ورضاه، ننصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
محمد صالح/ ناشط سياسي.
منتدى قضايا الثورة