سير وشخصيات

“الشيخ أبو العينين شعيشع”.. القاريء الحزين.. عملاق التلاوة و”مَلِك الصَبَا”

الشيخ أبو العينين شعيشع

الميلاد: 22 أغسطس 1922م، بِيَلَا، كفر الشيخ (مصر)

الوفاة: 23 يونيو 2011 م.. القاهرة .. (89 سنة)

– واحدٌ من عمالقة دَولة القراءة، وأحد الأصوات المتفرّدة المتميّزة، فهو مَلِك الشّجَن، وصاحب الصوت الحزين الصادق

– التحق وهو في السادسة من عمره بالكُتَّاب بـ”بيَلا”، وحفظ القرآن قبل سن العاشرة، وألحقته أمّه بالمدرسة الابتدائية؛ فشجعه ذلك وساعده على القراءة بالمدرسة أمام المدرسين والتلاميذ كل صباح، خاصةً في المناسبات الدينية والرسمية، فنال إعجاب واحترام الجميع، فأشار ناظر المدرسة المسيحي إلى والدته أن تذهب به إلى أحد علماء القراءات والتجويد.

– ذاع صيته صَبيًّا في كفر الشيخ والمحافظات التي حولها

– أطلق عليه متخصصو القراءات لقب: (مَلِك الصَبَا)، وهو المقام الموسيقي الذي يحوي الشجن في مقامات النغم، وبسبب نشأته يتيما، وتأثره الشديد بذلك، كان صوته مليئا بالحزن والشجن‏.

(مقام الصَـبَا.. عندما تسمع الآلات الموسيقية تعزف هذا المقام، تحس أن تلك الآلات تبكي، فهذا المقام حزين جدا، ولا ينافسه أي مقام آخر في درجة الحزن.. ومقام الصَـبا هو أحد المقامات الموسيقية، فريد جدًا من نوعه من الناحية الموسيقية، فهو في الحقيقة ناقص علميًا، وسُلّمه يفترض أن يكون غير صحيح، فكل سُلّم موسيقي لا بُد وأن ينتهي بنفس النوتة التي بدأ منها، إلا مقام الصبا، فقراره لا يماثل جوابه، وهذا يجعله متفردًا معزولاً، كما هو إحساسه، ليس منشقًا عن مقام، ولا ينشق مقام منه)

– دخلَ الإذاعة المصرية سنة 1939م، وكان متأثرًا بالشيخ محمد رفعت، وعلى علاقة وطيدة به، وقد استعانت به الإذاعة لإصلاح الأجزاء التالفة من تسجيلات الشيخ “محمد رفعت”، فقد كان من أبرع من استطاع تقليد الشيخ الكبير محمد رفعت.

(لم تحتفظ الإذاعة المصرية بتسجيلات للشيخ محمد رفعت، لأن التسجيلات كانت نادرة في ذلك الوقت، ولكن بعض محبي الشيخ من (باشوات ذلك الزمان) كانوا يحتفظون بـ (إسطوانات) للشيخ رفعت، وعلى رأسهم زكريا باشا مهران، عضو مجلس الشيوخ وقتها، واستطاع محبو الشيخ أن يجمعوا 287 أسطوانة، وتضم 19 سورة، مدتها 21 ساعة،

لكن العجيب في هذا الأمر، أن بعض (الإسطوانات) كانت ناقصة، وبعضها تالف، ولذا تمت الاستعانة بالشيخ (أبو العينين شعيشع)، والذي اعترف قبل وفاته بأن الشرائط التي تذيعها الإذاعة للشيخ “محمد رفعت” كانت بها أجزاء ناقصة، وأن الإذاعة اضطرت لإكمالها بصوته، وقال: “لقد فعلتُ ذلك في ستة أشرطة من أفضل تسجيلات الشيخ”!!!

(وهذا ينفي ما يشاع بأن كل ما نسمعه للشيخ رفعت؛ تقليد لصوته بواسطة الشيخ شعيشع،، فالشيخ أبو العينين قال بعض، وليس كل)

– في سنة 1940م، التحق الشيخ شعيشع بإذاعة الشرق الأدنى في فلسطين، قارئا للقرآن الكريم، وكان يزور المسجد الأقصى ويقرأ فيه ما تيسّر من القرآن الكريم بصوته الأخاذ.

– عاد بعد ذلك إلى مصر ليتقلد مناصب متعددة، حيث عُيّنَ عضوًا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعميدًا للمعهد الدولي لتحفيظ القرآن الكريم، وعضوًا للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وعضوًا باللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف، وعضوًا بلجنة عمارة المساجد بالقاهرة.

– أصيب الشيخ بمرض في صوته مع بداية الستينيات، ثم استعاد عافيته، وعاد للظهور من جديد، حيث تم تعيينه قارئا لمسجد عمر مكرم سنة 1969م، ثم لمسجد السيدة زينب سنة 1992م.

– سافر الشيخ أبو العينين شعيشع إلى عددٍ من دول العالم، وصدح بصوته في أكبر وأشهر المساجد العالمية: المسجد الحرام بمكة، والمسجد الأقصى بفلسطين، والمسجد الأموي بسوريا، ومسجد المركز الإسلامي بلندن.

– أسلمَ على يديه المئات من جنسيات العالم المختلفة، بعدما تأثروا بتلاواته الفريدة.

– حصل على العديد من التشريفات والأوسمة، أبرزها: وسام الرافدين من العراق، ووسام الأَرز من لبنان، ووسام الاستحاق من سوريا وفلسطين، إضافة إلى أوسمة أخرى من دول عربية وإسلامية.

– ناضل الشيخ في السبعينيات لإنشاء نقابة القراء مع كبار القراء وقتئذ، مثل: الشيخ محمود على البنا، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد.

– انتُخبَ نقيبًا لنقابة القراء سنة 1988م، بعد وفاة الشيخ عبد الباسط..

– تُوفيَ الشيخ شعيشع، في مثل هذا اليوم: 23 يونيو 2011م، وعمره 89 عاما، ودُفن بالمقابر المُجاورة لكلية البنات بجامعة الأزهر، بمحافظة القاهرة، وصلى عليه أهالي مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، مسقط رأسه، صلاة الغائب، في جميع مساجد المدينة، في اليوم التالي لوفاته، وكان يوم جمعة.

جاء في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ)

——–

يسري الخطيب

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى