العقوبات الأمريكية ضد الدعم السريع .. بين إبراء الذمة والضغط القوي علي حميدتي والإمارات
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرض عقوبات مشددة على قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو “حميدتي” والعديد من الجهات الشركات المرتبطة بالدعم السريع .
هذه العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على خلفية اتهامات لقوات الدعم السريع ،بالتورط في ارتكاب “جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية” خلال الصراع الدائر مع الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالله عبد الفتاح البرهان ،منذ ما يقرب من عامين ..
الصراع الدائر في السودان بحسب تقارير دولية متطابقة وقف وراء مقتل عشرات الآلاف من السودانيين، ونزوح 12 مليون شخص، بالإضافة إلى تفشي مجاعة واسعة النطاق.
عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية لم تتوقف علي حميدتي بل امتدت لـوضع 7 شركات مرتبطة بقوات الدعم السريع على قائمة العقوبات، وذلك بتهمة توفير المعدات العسكرية، وتمويل تأجيج الصراع في السودان، وتوفير الأموال والأسلحة لقوات الدعم السريع في الصراع المشتعل في السودان .”.
وفي نفس السياق أكد نائب وزير الخزانة والي أديمو أن الولايات المتحدة ستستخدم كل أداة متاحة لمحاسبة المسئولين عن انتهاك حقوق الإنسان للشعب السوداني.
فرض العقوبات الأمريكية علي ميليشيات حميدتي سبقتها اتهامات وجهت للدعم السريع من قبل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أوضح خلالها إن قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في منطقة دارفور بالسودان، وتورطت في جرائم حرب ،وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي.
وبحسب رئيس الدبلوماسية قامت قوات الدعم السريع بعمليات القتل بدوافع عرقية، وارتكبت أعمال العنف الجنسي بوصفه سلاح حرب، وبصفته القائد العام لها، يتحمل حميدتي المسئولية القيادية عن الأفعال البغيضة وغير القانونية لقواته فضلا عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي على نطاق واسع، وإعدام المدنيين العزل والمقاتلين العزل..
جرائم الدعم السريع
الاتهامات الأمريكية للدعم السريع تضمنت حرمان الشعب السوداني من الإغاثة الإنسانية، بوصفه سلاح حرب ضد شعب السودان، منتهكةً بشكل منهجي التزاماتها، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وإعلان جدة لعام 2023 للالتزام بحماية المدنيين في السودان،
واتهمت وزارة الخارجية الأمريكية للدعم قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها واصلت شن هجمات ضد المدنيين، وقامت بقتل الرجال والفتيان بشكل منهجي وحتى الرّضع على أساس عرقي بشكل عكستها تقارير أممية موثوقة .
كما استهدفت ميليشيات الدعم عمداً النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي، وقتلت الأبرياء الهاربين من الصراع، ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات المنقذة للحياة وفقا لاتهامات متطابقة من جهات أمريكية وغربية ومنظمات حقوقية ..
العقوبات الأمريكية المفروضة علي حميدتي، جاءت في سياق رفض أمريكي لممارسات الدعم السريع ،رغم أنها لم تتجاوزالبيانات الصحفية حيث لم تتبن إدارة بايدن موقفا قويا ضد جرائم الدعم السريع ،رغم إعلانها أنها مارست ضغوطا علي ابو ظبي، للتوقف عن تقديم العتاد العسكري للدعم السريع .
ورغم تعهد الإمارات بوقف دعم مليشيات حميدتي عسكريا والتوقف عن تعزيز قواتها ،إلا أن الواقع علي الأرض يؤكد استمرار أبو ظبي في تقديم معونات عسكرية ومالية للدعم عبر القناة التشادية ،بشكل يمنع سقوط الدعم السريع وخروجه من المعادلة بشكل لافت رغم تعرضه لهزائم عديدة أمام الجيش السوداني حتي في معاقله في دارفور .
ولكن يبدو أن ادارة بايدن ورغم تهديدها بفرض عقوبات علي الإمارات لإجبارها علي وقف دعمها لقوات حميدتي، الا انها لم تحرك ساكنا للجم جرائم الدعم السريع ولا إجبار أبو ظبي علي وقف دعمها لحميدتي ،
بل أن إدارة بايدن لم تدعم إدانة مجلس الأمن للإمارات لتدخلها في الشأن السوداني ،رغم الشكوى العديدة التي قدمتها السودان لمجلس الأمن بحق التدخل الإماراتي .
يعتقد المراقبون أن فرض الخزانة الأمريكية عقوبات علي مليشيات الدعم السريع علي أهميته، لن يكون مؤثرا علي مستقبل الصراع في السودان بشكل لافت ،انطلاقا من أن إدارة بايدن فرضت هذه العقوبات لإبراء الذمة من جرائم هذه المليشيا، لاسيما أنها تتخذ أي إجراءات جادة ضد جرائم حميدتي طوال أربعة أعوام لها في البيت الأبيض.
عقوبات علي حميدتي
: والواقع أن خطوة الخزانة الأمريكية التصعيدية ،ضد ميليشيات حميدتي ،قد تفرغ من أي مضمون حال وصول إدارة ترامب للحكم في ظل الصلات الوثيقة التي تربط أبو ظبي بساكن البيت الأبيض الجديد ،وقدرتها علي تغيير سياسة إدارته تجاه ميليشيات حميدتي بشكل يخدم إجندة الإمارات التخريبية في السودان.
و سيراهن حميدتي علي النفوذ اللوبي الاماراتي في العاصمة واشنطن، الذي يقوده السفير يوسف العتيبة حيث ستتحرك الامارات بقوة لدعم قوات حميدتي ،والحفاظ علي نفوذ لها في المشهد السياسي السوداني وتكرر نجاحها في إقناع ترامب بالتفاعل مع ميليشيات حفتر في ليبيا خلال ولايته الأولي ومحاولة فرض وقف لإطلاق النار علي الطرفين بشكل يحفظ وجود مليشيات حميدتي في المشهد السوداني.
حيث لم تمنع الانتقادات الدولية الموجهة لحفتر، بارتكاب جرائم ضد الليبيين ترامب من اجراء اتصال هاتفي به في اعتراف امريكي بنفوذه في شرق ليبيا ،وهو سيناريو قد يتكرر خلال الشهور القادمة في السودان حال نجاح المسعي الإماراتي .
ورغم الإجماع علي محدودية تأثير الخطوة الأمريكية علي الصراع في السودان ولكن هذه الضربة الموجهة لحميدتي قد تنجح في تضييق الخناق علي ميليشيا الدعم السريع وتدفعه لتبني خطوات أكثر مرونة والتعاطي الإيجابي مع جهود التسوية لاسيما اذا سارت إدارة ترامب علي نهج الإدارة الديمقراطية المغادرة
ويدعم هذا الطرح الدكتور حسن سلمان ، الخبير في الشئون الأفريقية حيث أوضح أن كثيرا مما تفعله الإدارة الأمريكية القديمة في سباق مع الإدارة القادمة قد لا يكون معبرا عن طبيعة النهج القادم ولهذا من الصعب القول بأن هذا هو موقف أمريكي حقيقي لأن ذلك سيظهر بعد استلام ترامب للسلطة
وومضي الدكتور سلمان في تصريحات لجريدة الأمة الإليكترونية :لكن هذه الإجراءات قد تكون مفيدة على الأقل لضرب الروح المعنوية للتمرد والقوى السياسية المساندة له