في خطوة جديدة نحو تهدئة التوتر المتصاعد على الحدود بين تايلاند وكمبوديا، أعلن رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الاثنين، عن تفاهم لوقف إطلاق نار “فوري وغير مشروط” بين البلدين، يدخل حيّز التنفيذ منتصف ليل الاثنين (بالتوقيت المحلي)، بعد وساطة ماليزية جمعت الجانبين في العاصمة كوالالمبور.
وجاء الإعلان عقب لقاء ضم رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت ونائب رئيس الوزراء التايلاندي فومتام ويتشاياتشاي، لمناقشة النزاع الحدودي القديم الذي شهد تصعيدًا جديدًا منذ يوليو/تموز الجاري.
وأكد أنور إبراهيم أن الاتفاق «ينص على وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار»، مشددًا على أن بلاده ستواصل دورها في الوساطة لتثبيت السلام بين الجانبين.
32 قتيلاً منذ تجدد القتال
وشهدت الحدود الممتدة على طول 817 كيلومترًا بين البلدين سلسلة اشتباكات عنيفة خلال الأسابيع الماضية، أسفرت عن مصرع 32 شخصًا من الجانبين، في تجدد لأعمال العنف بعد هدوء نسبي أعقب اتفاقًا أوليًا لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه في 28 مايو/أيار 2025.
لكن المواجهات اندلعت مجددًا في 24 يوليو/تموز، لتسقط التفاهمات السابقة، وسط تبادل للاتهامات حول الطرف الذي بدأ إطلاق النار.
وفي تصريح لافت، قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عبر منصته «تروث سوشيال» يوم السبت، إنه تواصل مع قادة تايلاند وكمبوديا، وإن الطرفين أبديا استعدادًا لبدء مفاوضات فورية من أجل وقف إطلاق النار والتوصل إلى سلام دائم.
خلفية تاريخية للنزاع
يعود التوتر بين تايلاند وكمبوديا إلى نزاع حدودي قديم منذ العهد الاستعماري الفرنسي، تحديدًا حول المناطق القريبة من معبد برياه فيهير الواقع في منطقة متنازع عليها. وقد شهدت المنطقة نزاعات مسلحة متقطعة منذ خمسينيات القرن الماضي.
وفي عام 1962، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا لصالح كمبوديا، معتبرة أن المعبد يقع ضمن حدودها، إلا أن الخلاف على الأراضي المحيطة به استمر لعقود. وتصاعد النزاع مجددًا في عام 2008 عندما أدرجت اليونسكو المعبد ضمن قائمة التراث العالمي بناءً على طلب كمبودي، ما أثار احتجاجًا تايلانديًا واسعًا.
وشهد عام 2011 أعنف موجة اشتباكات حين اندلعت مواجهات استمرت لأيام، وأسفرت عن مقتل العشرات ونزوح آلاف المدنيين. وقد تم التوصل لاحقًا إلى وقف لإطلاق النار بوساطة إندونيسية، لكن الأوضاع الأمنية ظلت هشة على الدوام.
هل تنجح الوساطة الماليزية؟
تُعد الوساطة الماليزية الأخيرة هي الثانية من نوعها خلال شهرين فقط، ما يعكس تصاعد القلق الإقليمي والدولي من تحول النزاع إلى صراع مفتوح يهدد استقرار جنوب شرق آسيا.
ويعكس هذا التفاهم الأخير رغبة متبادلة في تجنب الانزلاق إلى حرب شاملة، رغم هشاشة التفاهمات السابقة، في ظل غياب حل دائم للنزاع الحدودي العالق.
وترى أوساط دبلوماسية في كوالالمبور أن تثبيت وقف إطلاق النار مرهون بوجود آلية رقابة مشتركة وضمانات دولية، إلى جانب إعادة تنشيط دور رابطة دول آسيان (آسيان) في نزع فتيل الأزمات بين أعضائها.