تركي الجعفر يكتب: البناء والتغيير

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
نسمع كلاماً يتردد عن معركة البناء، ومرحلة البناء، وبناء الدولة السورية الجديدة، والمفروض أن تتبنى القيادة المؤقتة مفردات التغيير، أي تكون المرحلة مرحلة تغيير، وتكون المعركة معركة تغيير؛ وبين البناء والتغيير فرق هام وجوهري لا يدركه إلا من يعرف تماماً بنية نظام الأسد وهيكله وأفكاره ورجاله، وغير مستعد للمجازفة بالبناء على أسس الفساد والعمالة والأنانية والمصالح الشخصية؛ بل يريد هدمها وقلع جذورها وتغييرها إلى نظام جديد، وهيكل جديد، ووسط سياسي مبدئي جديد.
ونضرب مثالاً محسوساً من الواقع يعرفه أهل الخبرة في أعمال الهدم والبناء؛ فتراهم لا يقبلون أبداً البناء على أنقاض بناء فاسد متهالك؛ بل يقررون وجوب إزاحة الركام واقتلاع جذور الفساد تحت البناء، حتى يخرج للنور بناء صحيح سليم قادر على النفع والبقاء.
وبناء عليه نقول:
لابد من تغيير القاعدة القديمة، والطريقة القديمة التي تم البناء عليها، وهذا التغيير لا يكون تغييرا شكليا كتغيير القشور والأدوات؛ بل يجب أن يكون تغييرا جذريا يستحق أن يقوم عليه بناء قوي ومتين، بناء شامخ يفخر به من يستظل بسقفه، ولا أمتن ولا أقوى من قاعدة يقوم عليها بناء الدولة الجديدة من قاعدة الإسلام العظيم، هذه القاعدة التي اختارها لنا وارتضاها رب العزة جل جلاله، قاعدة عميقة في النفوس، متجذرة في العقول الصافية، محصنة بكل الأدوات اللازمة لمقاومة كل عاصفة، وفيها مناعة ضد كل آفة؛ لأنها من عند خالق الكون والإنسان والحياة.
وأما البناء الذي يبنى على القاعدة الفاسدة، أو التي فيها بقايا فساد، فسينخر هذا الفساد البناء جميعا، وسينتشر ويتكاثر حتى يعود البناء الجديد أشبه بسابقه الذي هدمناه بعد أن ذقنا ويلات ظلمه وبطشه وإجرامه؛
لأنه قام على مبدأ وقاعدة من عند غير الله سبحانه، فأنتج الخَبَث، وهذا أمر محسوم يقول المولى جل وعلا:
﴿قلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾
وقوله سبحانه: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾،
والمسلمون مأمورون باتباع سبيل الله والتمسك بحبله المتين؛ وليس لهم خيار غيره، يقول الحق تبارك وتعالى:
﴿وَمَا كَانَ لِمؤۡمِنٖ وَلَا مؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا﴾.
فيا أيها المسلمون عامة، وأهل الشام خاصة:
إياكم أن تنخدعوا بالقشور، وبتزيين الفجور، وبتبرير التخاذل عن سبيل الله عز وجل. الإسلام دين الله الكامل، ولا يقبل المزج مع شِرعَة غيره؛
ولو كان الغير قليلا أو يسيرا، والله ناصركم ومعينكم وحافظكم؛ إن سرتم في طريقه، فلا تخافوا غيره، وهو القائل:
﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ﴾،
وهو القائل سبحانه: ﴿أَتَخۡشَوۡنَهُمۡۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾.
فيا أيها المؤمنين: اكسروا الأصنام، ونكسوا رايات الطغيان، وارفعوا راية نبيكم، وأقيموا عز دينكم، يرضى الله عنكم.
الشيخ تركي الجعفر/ ناشط سياسي.
منتدى قضايا الثورة