في صباح 11 سبتمبر انفجرت طائرات في برجي التجارة العالمي، ليسقط رمزا للهيمنة الأمريكية في دوامة من الدخان والغضب والحديد المشوه، لقد كان ذلك الهجوم صدمة للعالم بأسره لكنه لم يظهر من فراغ بل كان فصلا من فصول صراع طويل.
جذور الغضب الامبريالية الأمريكية والسياسات الخارجية
لطالما شكلت السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وقودا للكراهية والاستياء، فالدعم الأمريكي اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي والحصار الجائر على العراق الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأطفال وتأسيس قواعد عسكرية على أراض إسلامية يعتبرها الكثيرون تدنيسا لقد ساهمت هذه السياسات في تشكيل رؤية معادية لأمريكا ووفرت أرضية خصبة لتجنيد المقاتلين تحت شعار مقاومة الطغيان.
11 سبتمبر الرد الدامي
جاء الهجوم كرد عنيف ومروع على ما وصفه المنفذون بالامبريالية الأمريكية المتوحشة، لقد رأى تنظيم القاعدة الذى قاد الهجوم أن ضرب القلب الرمزي للقوة الأمريكية في عقر داره هو الضربة التي يجب أن توقظ الأمة من سباتها وتدفع أمريكا لإعادة حساباتها، لقد كان رسالة كتبت بالدم والنيران مفادها أن الهيمنة لها ثمن باهظ.
ما بعد الكارثة أمريكا تبحث عن ذرائع
بدلا من مراجعة سياساتها الخارجية واستقصاء الأسباب الجذرية للغضب الموجه ضدها سارعت الإدارة الأمريكية إلى استغلال الهجوم بشكل ممنهج لتحقيق أجنداتها التوسعية، وتم تصوير الهجوم على أنه هجوم على قيم الحرية والديمقراطية وليس رد فعل على السياسات الخارجية وتم اختطاف الوضع السائد لتبرير الحروب واحتلال دول عربية واسلامية.
الحرب على الإرهاب غطاء للهيمنة الجديدة
تحت شعار الحرب على الإرهاب – بمفهومه المطاط والمخادع- شنت أمريكا وحلفاؤها حربا على أفغانستان، ثم غزت العراق واحتلته بحجج واهية ثبت كذبها، لقد كانت هذه الحروب امتدادا للسياسة الامبريالية القديمة بثوب جديد هدفها السيطرة على مضادر نفط وثروات المنطقة وفرض الهيمنة وإعادة رسم الخريطة السياسية بما يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية.
تركة من الدمار
خلفت هذه الحروب ملايين القتلى والمشردين ودول محطمة ومجتمعات ممزقة لقد حولت الحرب على الإرهاب العالم إلى مكان أكثر خطورة وزادت من انتشار التطرف، وزادت من كره أمريكا، لدى جيل ممن يفهم طبيعة الصراع ولكنه لايملك وسائل لتحقيق اهدافه.، لقد أصبحت ذكرى 11 سبتمبر تذكارا للمأساة الإنسانية التي سببها الهجوم على برجى التجارة بأمريكا، وللمآسي الأكبر التي مورست باسم الرد عليه.
ردود الأفعال العالمية على هجوم 11 سبتمبر وتداعياته
انقسم المحللون السياسيون حول العالم في تفسيرهم للهجوم، بين من رأى فيه عملًا إرهابيًا همجيًّا لا مبرر له وبين من حاول فهم السياق التاريخي والسياسي الذي أدى إلى حدوثه من جهة.، فأشار محللون في الغرب إلى أن الهجوم كان هجوماً على قيم الحضارة الغربية نفسها بينما رأى آخرون في دول العالم خاصة في المنطقة العربية والإسلامية أنه نتاج طبيعي للسياسات الأمريكية العدوانية والمتغطرسة.
ردود الفعل الدولية بين التضامن والتحذير من الاستغلال
شهدت الساعات والأيام الأولى بعد الهجوم موجة تضامن عالمية غير مسبوقة مع الولايات المتحدة حتى من خصومها التقليديين، وعبرت فيها دول كثيرة عن تعاطفها مع الضحايا لكن هذا التضامن سرعان ما بدأ بالتبخر عندما كشفت النوايا الأمريكية نحو الحرب والانتقام.، فحذر العديد من القادة والمراقبين الدوليين من استغلال الهجوم كذريعة لشن حروب غير عادلة وطالبوا بالتمييز بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال.
ما بعد الصدمة
ظهرت داخل الولايات المتحدة نفسها أصوات مثقفة ومحللون استراتيجيون نادرون شككوا في الرواية الرسمية وطالبوا بمراجعة نقدية جذرية للسياسة الخارجية الأمريكية، وتساءلوا لماذا يكرهوننا فعلاً؟؟ كما طرح الكاتب والصحفي الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي في تحليله الذي ألقى باللوم على الامبريالية الأمريكية في خلق بيئة من الكراهية أدت إلى الهجوم.
المنظمات الدولية ومخاوف انتهاك القانون الدولي
أعربت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية عن قلقها العميق من المسار الذي اتخذته الولايات المتحدة حذرت من أن الحرب على الإرهاب قد تتحول إلى حرب على الإسلام نفسه وأن الإجراءات التي تتخذها واشنطن تحت ذريعة مكافحة الإرهاب تنتهك الحقوق والحريات الأساسية والقانون الدولي.
ردود الفعل العربية والإسلامية
أدانت حكومات عربية واسلامية الهجوم بشكل رسمي لكن على المستوى الشعبي سادت مشاعر مختلطة بين من أدان العمل الإرهابي وبين من رأى فيه رد فعل مفهوم على السياسات الأمريكية في المنطقة، وعبرت استطلاعات الرأي في العالم العربي عن اعتقاد واسع النطاق بأن السياسة الخارجية الأمريكية كانت الدافع الرئيسي وراء الهجوم، وطبقات بعض التيارات الإسلامية المناهضة لكل اعداء الاسلام رأوا أن 11 سبتمبر فقد فيه شباب سبقوا فى إدراك طبيعة الصراع وعبثية محاولات تحييد العدو.
حدث تاريخى اعتبره البعض كارثة انسانية
بينما كان هناك شبه إجماع عالمي على أن الهجوم نفسه كان جريمة ضد الإنسانية، بغض النظر عن المبررات، فإن رد الفعل الأمريكي اللاحق وما تلاه من حروب قسم العالم مرة أخرى، وأصبحت ذكرى 11 سبتمبر اختباراً حقيقياً للضمير العالمي بين من رأى الشر المطلق ومن حاول فهم تعقيدات السياسة الدولية التي تولد العنف من عنف مضاد.، وأيقن اصحاب القضية الاسلامية طبيعة الصراع ومعرفة حقيقية لايحيد عنها العاقل بأن القوة لاتواجهها إلا القوة.
نهاية الهيمنة وأبطال في عيون المظلومين
التاريخ يُعلّمنا أن الإمبراطوريات التي بُنيت على القوة والهيمنة والظلم لا تدوم إلى الأبد، فالإمبراطورية الرومانية سقطت وتلتها إمبراطوريات كثيرة والهيمنة الأمريكية الحالية ليست استثناءً، فمشاهد التدهور الاقتصادي والانقسام السياسي الداخلي والتحديات العالمية المتصاعدة، كلها مؤشرات على أن النظام العالمي أحادي القطب في طريقه إلى الأفول لن تستمر السيطرة الأمريكية إلى الأبد لأن شعوب العالم ترفض الظلم وتتوق إلى الحرية وتحارب من أجل كرامتها.
أبطال في عيون المظلومين
بالنسبة لملايين المسلمين والمظلومين حول العالم الذين عانوا من ويلات السياسات الأمريكية العدوانية من دعم للاحتلال الصهيونى، إلى قتل للأبرياء وتدمير للدول فإن منفذي هجمات 11 سبتمبر ليسوا إرهابيين بل هم مجاهدون وأبطال ضحوا بأنفسهم في مواجهة أعتى قوة عسكرية في التاريخ، لقد قدموا رداً على الظلم الأمريكي الذي لم يترك وسيلة للرد سوى هذه التضحية التي هزت عرش الإمبراطورية وأرعبتها، هم رمز للمقاومة ضد آلة الحرب الأمريكية التي لا ترحم وشهداء في سبيل قضية يعتبرها الكثيرون مقدسة.
الظلم لن يدوم
لن يدوم ظلم أمريكا لأن الحق يعلو في النهاية والباطل يسقط، لقد أثبتت السنوات التي تلت الهجمات أن العدوان الأمريكي على العالم العربي والإسلامي لم يزد المنطقة إلا انقساما وخنوعا وخضوعا وضعف، ولم يجلب للأمريكيين إلا الخوف والكراهية.، سيأتي يوم تتراجع فيه أمريكا عن سياساتها وتدرك أن الأمن لا يتحقق بالحروب والاحتلال ولكن بالعدل واحترام حقوق الشعوب وحتى ذلك اليوم، ستظل روح المقاومة حية وستذكر الأجيال القادمة أولئك الذين ضربوا قلب الإمبراطورية الجبارة كأبطال شجعان ضد الطغيان، ويمارسها الان المقاومون المخلصون ضد الصهيونية العالمية وجرائم الابادة على يد الصهاينة لأهل فلسطين وغزة، وتتعاطف شعوب العالم مع اهل فلسطين أصحاب الأرض والحق.