أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: حين تباع الإنسانية

المؤسف في هذا الزمان أن الإنسانية المكرمة باتت تباع على الأعتاب، أصبحت زهيدة الثمن، أصبحت لها رتب، فهناك الإنسان و هناك دون مرتبة الإنسان، أصبحت لها طبقية، فهناك المرموق،  وهناك في رتبها المسحوق، فيها من يتمتع بكل المزايا، وفيها من يعيش في الرزايا،  فيها الذي يأمر فيطاع، و فيها من يعيش تحت القاع.

هال الخطب فأصبح للقطط و الكلاب المباني والرعاية، وحظ الآدمي في الأقبية  يفترش بقايا الصناديق المرمية،  فلست أدري بأي مقياس تقاس الحياة الإنسانية؟! 

العجيب، الكل مسجل في زمام  قيد الحياة، موثق في السجلات؛ لكن القليل مسجل في قيد الحياة الإنسانية، مسجل في سجل العوز والاحتياج والفقر، مسجل في سجل ذوي الاحتياج .

 لو تركنا العنان للإنسانية أن تتكلم، لا تلعثم لسان الجميع، وخرست شفاه  تجار الرقيق والعبيد، فحال الإنسانية اليوم لا يرام، حين لا تحظى الإنسانية بالمعاملة الندية  اللائقة، حين  يصبح الإنسان فضلة وقت أو اهتمام، حين يصبح التعامل خارج دائرة الإنسانية، فتكون الموارد والبرامج ليس محلها الرحمة الإنسانية، بل  يكون هدفها الاستغلال والاستقواء والهيمنة.

حين يصبح الاهتمام و إعطاء  أولية للشذوذ والمثلية، في حين لا قيمة للجياع والمهملين بأسباب الحروب و المجاعات، حين لا يعطون قيمة لمن يعيش في الشتات مهجرا بعيدا عن أوطانه، لا يعطون الاهتمام لمن  تداس كرتمته بسبب معتقده أو عرقه، هؤلاء جميعهم مغيبون عن عيون منظمات حقوق الإنسان.

للأسف الإنسانية اليوم تباع في المزاد بلا ثمن، يدوسها الأقوياء باسم الحداثة والتطور، تداس الإنسانية باسم سلم الشجعان، سلم يتنازل فيه الإنسان الحر عن حقه المشروع، يتنازل الإنسان عن حقوقه بعيدا عن موازين العدل والحقوق المشروعة .

فمتى يعود  سلّم الأولية للإنسانية، وتعود الكرامة للإنسان المكرم؟

 يقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾

[سورة الإسراء: 70]

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights