حشاني زغيدي يكتب: دبابة في مشفى الشفاء

لعلّ الحكاياتِ ستنتهي، ستحجبها طلاسمُ السّحرة، فلم يعدْ القلم يقوى على الكتابة ولا عدسات التصوير تقوى لنقلِ الصّورة..
فالصّورُ أضحت مقلوبة، حين مات الضّمير، ولم يعدْ للآدمية عنوان، كلّ شيء بات يلعنُ الحقيقةَ، حتّى الخيال بات حزينا، فلم يعدْ بمقدوره تلخيصَ الحكاية..
فجموحُ الخيال توقّف عند نقطة البداية، حين أخبروه أن دبابةً تجوبُ باحة المشفى، تجوب فضاء قاعة الجرحى، تزمجر بصوتها المزعج ، تجوب في قاعة الإنعاش ..
وحولها القتلى، من صبي وفتى، وصبية وفتاة، جميعُهم يخنقهم أزيز صوتٍ عنيف، أزيز يُسكِت صوتَ صغيرٍ في قِماطِه ، يقتله الجوع، يصرخُ أينَ حليبي؟!
كنت أصدّق كلّ شيء إلا أن تدخل الدّبابة باحة المشفى، تنشر الدّعر والخوف ، في جوفه أجسام مشوهة، مرمية هنا وهناك، فلم أعد أحتمل كذبَ الدّجالين، من يَسوغوا قوانين الرّحمة المزعومة، من يهتكون القانون بأيادٍ ملطخة بالدّماء، تصنع من مادة القانون مجزرة، تصنعُ من مادةِ القانونِ محرقة ، جميعهم لا يبالي، أن يُباد من يسكن المشفَى، لأن المقتولَ اِسمُه مصطفَى.