أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: رحلة في ظلال السّنّة النّبوية

سأعبر مسافرا بين دفاتر السّنّة النّبوية، لأقطف من عبقها اللطائف والرّوائع، نستحضر منها  الدروس، ونقتفي من أثرها العبر، من معين سيرة خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، التي رسمت  لنا منهج حياة نسعد به.

المؤسف اليوم أصبحنا نشتاق تلمس ولو البصيص من سيرته، فنستذرك محطات تربوية  مهمة، كانت سببا في صناعة حضارة تركت بصمتها في سجل الإنسانية الحافل، بل استلهمت منها الحضارات مشاريع نهضة، في عصور التخلف، وغرست قيما مثلى، لا ينكرها إلا جاحد متعصب.

لعل أصدق توصيف بتناسب مع حال الأمة اليوم قول الفاروق عمر رضي الله عنه

(نحن قوم أعزنا الله  بالإسلام، مهما  ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله)

لعلّ ذكرى الأيّام تستنهض فينا العزائم ، نستذكر أيّام العزة،  يوم كان للأمة مكان بين الأمم.

لعلّ ذكرى الأيّام تحملنا معها لمعالي ريادة النفوس، فتكون التربية والتزكية سبيلنا الأسلم لإصلاح أوضاعنا، فكلّما كنا أقدر على التحكم في زمام أنفسنا، سهُل علينا قيادة أمورنا بسهولة ويسر.

ولعلّ ذكرى الأيّام تنبؤنا الأخلاق والفضائل والمكرمات، كانت أهمّ دعائم تلك الحضارة، وأن الأخلاق كانت هي جسر الإيمان وثمرة غرسه، فدليل تميز أي حضارة وأي نهضة في مدى تحقيق الالتزام بالقيم الأخلاقية، والقيم الإنسانية.

فكان الإسلام من أسمى مبادئه، توثيق الإيمان، وغرس الفضائل والأخلاق، وتعزيز القيّم الإنسانية، فكان الإيمان بالله وتوحيده المنطلق الأول، ويتعمق الدعائم؛ بالإيمان بالملائكة والرسل والكتب السّماوية واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.

وتتقوى ركائز مبادئ الإسلام بتقوية السّلوك والأخلاق، فتكون الأمانة والصدق والوفاء، الكرم والشجاعة، والرحمة والعفو، من موسوعة قيّمه في التعامل مع المسلم وغير المسلم، بتلك المنظومة الخلقية هي من صميم منطلقات الإيمان والعقيدة.

 ومن ركائز الإسلام المهمة البعد الإنساني، التي حرص الإسلام على حمايتها في تشريعاته الحفاظ على  كرامة الإنسان، لأنه خلق مكرما، مصداقا لقوله تعالى:

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ الإسراء: 70

وأن هذه الكرامة تفرض التكريم بصرف النّظر عن المعتقد والجنس والأصل والفصل والرتبة والمكانة ومنزلته الاجتماعية، وبينما يبقى التفاضل عند الله أساسه التقوى والعمل الصالح.

كل هذه المعاني يحب علينا أن نستحضرها، ونحن نعبر على السنة النبوية المطهرة، نستحضرها و نحن نستذكر لطائفها، فتكون لنا دليلا منهجا في اقتفاء أثره والتأسي بسيرته،  تطبيقا لا ثراء معرفيا، فسنّة رسولنا كانت حياة مليئة بالأعمال الخيّرة مست صلاح الفرد والمجتمع، يوضحها الحديث الشريف الذي رواه الحاكم، والبيهقي، وابن عبد البر، والإمام مالك عن عمرو بن عوف رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كَتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّتِي».

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى