أثار خطاب العاهل المغربي محمد السادس، بمناسبة الذكرى الـ26 لجلوسه على العرش، ردود فعل متباينة في الإعلام الجزائري، خاصة بعد تجديد دعوته لفتح صفحة جديدة مع الجزائر عبر “حوار صريح ومسؤول”.
ورغم اعتماد الخطاب على لهجة أكثر مرونة مقارنة بالسنوات الماضية، رأت تحليلات جزائرية أنه لم يحمل تغييرات جوهرية، في ظل غياب مؤشرات عملية. ولم يصدر أي رد رسمي جزائري، وهو موقف متكرر تجاه دعوات مماثلة سابقة.
موقع “كل شيء عن الجزائر” لاحظ تشابهًا بين بعض مفردات الخطاب المغربي وتصريحات أدلى بها مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي زار مؤخرًا الجزائر والمغرب. واعتُبر هذا التزامن مثيرًا للتساؤلات حول احتمال وجود ضغوط أمريكية لإعادة تحريك العلاقات بين البلدين.
الصحافي نجيب بلحيمر أبدى تشككه في جدية “اليد الممدودة”، معتبرًا أن الخطاب لا يتطابق مع الممارسات المغربية ولا يعكس نية حقيقية لبناء علاقات قائمة على الشفافية والاحترام المتبادل.
في السياق الإقليمي والدولي، تأتي دعوة العاهل المغربي للحوار مع الجزائر وسط متغيرات جيوسياسية حساسة، أبرزها تصاعد الدورين الفرنسي والأمريكي في منطقة الساحل، وانسحاب العديد من الدول الإفريقية من منظمة “الإكواس”، إضافة إلى التقارب المتزايد بين الجزائر وروسيا من جهة، والمغرب وإسرائيل من جهة أخرى.
ويرى مراقبون أن المملكة المغربية تحاول عبر خطاب “اليد الممدودة” استباق تحولات محتملة قد تعيد تشكيل موازين القوى في شمال إفريقيا، خصوصًا في ظل التوتر المستمر في الصحراء الغربية، والضغوط الأوروبية المتزايدة حول ملفات الهجرة والطاقة.
كما لا يُستبعد أن تكون الرباط تسعى لتحسين صورتها أمام شركائها الغربيين عبر إظهار انفتاحها على المصالحة، خصوصًا بعد الانتقادات التي طالت سياساتها في ملف حقوق الإنسان، والعلاقة المتوترة مع الجزائر التي تؤثر سلبًا على مشاريع تكامل إقليمي محتملة، مثل أنبوب الغاز النيجيري-المغربي أو المنطقة المغاربية الحرة.
لكن في المقابل، لا تزال الجزائر تتعامل بحذر مع أي مبادرات مغربية، في ظل انعدام الثقة، واعتقادها بأن أي مصالحة لا بد أن تُبنى على أسس جديدة تضمن وقف ما تعتبره “استفزازات منهجية”. وهو ما يُبقي حالة الجمود السياسي قائمة، بانتظار تحولات إقليمية أو وساطات دولية أكثر تأثيرًا.
يُذكر أن الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس 2021 بسبب ما وصفته بـ”أفعال عدائية”، من بينها دعم الرباط لاستقلال منطقة القبائل، والتجسس باستخدام برنامج بيغاسوس، وتصريحات إسرائيلية معادية من الأراضي المغربية.
منذ ذلك الحين، تراجعت الاتصالات الرسمية إلى الحد الأدنى، واقتصرت على رسائل تعزية أو مشاركات بروتوكولية نادرة، بينما بقيت الحدود مغلقة منذ عام 1994.