خطوات عملية تركية لمعاقبة الاحتلال وإصرار إيراني علي التصعيد الإعلامي وقوة الأذرع
عكست تصريحات وزيري الخارجية التركية هاكان فيدان، ونظيره الإيراني الراحل حسين امير عبداللهيان ،سياسته بلادهما المرتبكة والغامضة علي التوالي من حرب الإبادة الجماعية الصهيونية الجارية في قطاع غزة ،منذ اكثر منذ 8أشهر،حيث حاولت تركيا ومنذ بداية الأزمة تبني سياسة متوازنة تجنب البلاد ردود فعل سلبية علي عملتها الليرة، التي تعاني تراجعا أمام الدولار وهزات اقتصادية ليست علي استعداد لمجابهتها.
وقد ظهر هذا بوضوح في عدم ممارسة تركيا دورا ضغطا علي القمة العربية الإسلامية التي عقدت في السعودية في نوفمبر الماضي ، لتبني موقف جاد من العدوان الصهيوني علي القطاع وفضلت التماهي مع الموقف العربي المتخاذل، وإن أصرت علي إدانة العدوان وتحميل الاحتلال مسئولية، ما يجري قبل وبعد السابع من أكتوبر، قبل ان تتبني تركيا سياسية عملية وتفرض عقوبات علي الاحتلال .
أما السياسة الغامضة التي اتبعتها ايران ،فقد ترجمتها تصريحات عبداللهيان التي حولت في بداية ،وأن كان بشكل مباشر اظهار إيران، كونها الدعم الرئيسي للمقاومة واللاعب المهم في أحداث طوفان الأقصى ،مع التذكير بأن إيران عبر اذرعها قادرة علي احداث توازن مع الكيان ،بالإضافة الي المطالبة بوقف اطلاق النار وإنهاء العدوان علي غزة ،ورفض سيناريو التهجير وتصفية القضية الفلسطينية .
ولكن الوزيرين فيدان وعبداللهيان وإن اجمعا في الساعات الاولي للازمة علي تحميل الاحتلال مسئولية الطوفان ،ومطالبته باحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ،إلا ان سيل التصريحات اللذين ادليا بها عكسا اختلافا في تعاطي البلدين معه هذه الاحداث ، فقد كانت تصريحات فيدان اكثر هدوء وسعيا لتسريع محاولات إنهاء الازمة والوصول لوقف إطلاق النار، بل انه تحدث عن ان تركيا مستعدة للدخول كضامن لأي اتفاق يصل اليه الطرفان بل وكثيرا ما حذر رئيس الدبلوماسية التركية ،من أن استمرار حرب غزة بهذه الشكل قد يوسعها لتشمل دولا في المنطقة.
وخلال الأسابيع الأول للحرب علي غزة كثيرا ما تحدث فيدان عن رفض كل المحاولات لتصفبة القضية الفلسطينية ،وتهجير الفلسطينيين الي سيناء مع ضرورة السعي لإدخال المساعدات الإنسانية بوتيرة منتظمة وصولا إلي رفضه إعلان حركة حماس منظمة إرهابية والتأكيد علي أن تركيا تنظر إليها كحركة تحرر وطني
وعكست تصريحات وزير الخارجية التركي في التعامل مع الحرب علي غزة نهجا مختلف خلال المرحلة التي تلت الانتخابات المحلية، التي خسرها حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس أردوغان لأسباب عديدة منها موقفها الضعيف من الحرب علي غزة بحسب انطباع عدد كبير من المراقبين.
و بدت تصريحات فيدان في تلك المرحلة أكثر حزما تجاه الكيان الصهيوني بدأت بالإعلان عن انضمام أنقرة الدعوي التي أقامتها جنوب افريقيا ضد الكيان امام محكمة العدل الدولية ، بعد أيام قليلة من فرض عقوبات تجارية علي تل أبيب ثم
ثم استمر علي نفس النهج ، حين تحدث عن رفض الحديث عن مصير غزة بعد الحرب ،قبل وقف إطلاق النار، هو تصعيد تزامن كذلك مع عرقلة الاحتلال وصول المساعدات التركية الي غزة ،بشكل أغضب تركيا ودفعها للتصعيد مع الاحتلال وقطع العلاقات التجارية معه مما أزعج تل تل أبيب وظهرذلك واضحا في تصريحات وزير الخارجية الصهيوني كاتس .ا
وعزف فيدان كذلك علي وتر التشدد تجاه الكيان الصهيوني حين تحدث عن ان إذ لم يتحقق حل الدولتين، فحرب غزة لن تكون الأخيرة ،فضلا عن اتهامه لرئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، بأن سياساته قد جلبت الكوارث للمنطقة وأن عليه أن يكف عن التعامل مع سكان غزة كرهائن، فضلا عن تأكيده بأن الصمت تجاه مجازر الاحتلال في غزة يزعزع النظام الدولي.
اما نظيره الإيراني الراحل امير حسين عبداللهيان الذي لقي مصرعه في حادث طائرة في محافظة أذربيجان الشرقية برفقة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد من المسئولين هذا الأسبوع ، فقد عكست تصريحاته من حرب غزة خليطا من التصعيد والتهدئة حيث سعت بلاده ولو بشكل غير مباشر للتأكيد علي ان دعمها للمقاومة الفلسطينية كان أحد أسباب طوفان الأقصى، وهي نبرة استمرت لفترة قبل ان تعلن حماس، أنها لم تخطر ايران وحزب الله بالعملية ،حرصا علي سريتها بعد اكتشاف الحركة سراب الحديث عن وحدة الجبهات.
وبعد ها اخذت نبرة عبداللهيان في التراجع حيث ركز حديثه عن ضرورة وقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري قبل فوات الأوان وان تمسك بقدرة بلاده علي الرد علي اي عدوان إسرائيلي بشكل يحرص علي عدم رغبة ايران في توسع رقعة الحرب ،وهو ما بدا واضحا في الهجوم الضعيف الذي شنته إيران علي أهداف إسرائيلية ،وسبقه تأكيد عبداللهيان أنه تم إبلاغ واشنطن بأن طهران لا تنوي التصعيد ،ولا توسيع رقعة الحرب مع تل أبيب
بعد مضي ما يقرب من شهرين علي الحرب أخذ عبداللهيان في المزج بين الرغبة في التهدئة ،حيث اوضح ان الحل السياسي فقط يمكنه حل الصراع في غزة، ثم اوضح كذلك تأكيده علي ان التطورات في غزة تتجه لحل سياسي يعارض خيار تهجير الفلسطينيين، وان الظروف مهيئة لوقف دائم لإطلاق النار في غزة وبين الحرص توجيه تحذير لكل من واشنطن وتل أبيب من خطورة خروج الوضع عن السيطرة.
ثم أخذ كبير الدبلوماسية الإيرانية يركز علي التصعيد الإعلامي فقط مع إسرائيل فقط بالقول إن نتنياهو فقد توازنه في الحرب الإسرائيلية علي غزة ثم اردف قائلا ان ما يجمع ايران والكيان الصهيوني فقط في الحرب علي غزة هو عدم الإيمان بحل الدولتين ،بشكل كرس اعتقادا بأن الوصول لتسوية في الشرق الأوسط تؤمن حقوق الشعب الفلسطيني ،لا تلبي طموحات النظام الإيراني باستخدامها تكئة للتدخل في شئون المنطقة .
ورغم سيطرة الطابع الإعلامي علي مجمل مواقف عبداللهيان من الحرب علي غزة حيث ركز علي إيصال أكثر من رسالة ،أهمها التركيز علي دعم المقاومة الفلسطينية مع التلويح بقوة الأذرع العسكرية الإيرانية في المنطقة، المتمثلة في حزب الله والحوثيين والمقاومة الاسلامية في العراق ،مع التأكيد علي ان معادلة الصراع في المنطقة قد تغيرت بعد السابع من أكتوبر..
السعي لتطويق التوتر مع واشنطن ومن بعدها تل أبيب من فبل عبداللهيان كشف عن وجود قنوات سرية للمفاوضات مع إدارة بايدن ، في ظل ملفات يجري للتباحث حولها مثل الأموال الإيرانية المجمدة وكذلك الملف النووي بشكل يوضح لماذا حرص عبداللهيان طوال الوقت علي سياسة “إمساك العصا من المنتصف:، باعتبار أن هناك مصالح إيرانية عليا يجب تأمينها أولا، وبعدها تتفرع إيران للتصعيد الإعلامي والإعلامي فقط مع محورالشر وقوي الاستكبار.