د. أبو محمود نائل يكتب: العقلية الأمريكية.. والآلة الصهيونية
واجهنا العقلية الأمريكية في صورة الآلة الصهيونية وهما للانكسار أقرب -بإذن الله-
منذ اليوم الأول في مواجهة الدفاع التي يخوضها القسام مع الغزو «العالمي» لغزة؛ أدرك كل متابع على الأرض؛ أننا نخوض حرباً بعقل أمريكي؛ في صورة آلة صهيونية؛ وأن يد أمريكا التدبيرية لمجريات المعركة واضحة جداً لاسيما في مجاليْن مؤثرين:
أولهما/ طريقة الاقتحام المؤلل.
ثانيهما/ طريقة التعامل مع أسرى العدو.
أما الأول: فواضح منذ بداية الغزو أن العقيدة القتالية التي يقاتل بها العدو الإسرائيلي تختلف تماماً عن كل محاولات التوغل التي كانت في مواجهات سابقة؛ وأنه اختار طرقاً مختلفة تماماً لاقتحام مراكز المدن، اعتمدت على:
1- قوة الاندفاع المؤلل دون توقف حتى لو أبيد الجنود في مقدم الاقتحام.
2- حرق مناطق بالكامل لتمهيد الاقتحام بعيداً عن الصورة النمطية في التوغل المستند بالدرجة الأولى إلى الحدود الشرقية لقطاع غزة بأكمله.
3- الضرب غير المميز لكل ما هو فلسطيني على غرار ما حصل للفلوجة وأفغانستان.
وأما قضية الأسرى:
فقد انتهجت السياسة الصهيونية -على غير العادة- السياسة الأمريكية التي لا تعظم الجنس البشري الأمريكي وليس لديها إشكال في تعمد قتله لتفويت ورقة الضغط الذي يمكن أن تستخدمها «كتائب القسام» في إدارة حدة المعركة؛ وبالطبع خاتمتها التي مهما حاول العدو الفرار منها فشبح الجلوس على الطاولة يمثل رعباً مستمراً لاعتبار أنه يمثل أبرز دلالات انتصار القسام، وانكسار كل أهداف الحرب المعلنة من العدو.
فشاهدنا الضرب المركز على كل مناطق «احتمالية» وجود الأسرى، مع إهمال الضغط البشري الرهيب من عائلاتهم والمجتمع المدني؛ والتغاضي عن العقيدة التلمودية المعظمة للجنس الصهيوني وتقديم فدائه من الأسر على كل مصلحة؛ إضافةً لما تمثله قضية تعظيم الجنس الصهيوني على المشروع الصهيوني القائم أساساً على: تثوير صهاينة الأرض للهجرة لأرض الميعاد التي فيها خلاصهم ومن ثمّ سيادتهم على الكون!!!
قتل الأسرى
فمسألة تعمد قتل الأسرى ليست مستغربةً في العقيدة القتالية الأمريكية على جهة الخصوص، ففي محاولات كشف الغموض عن الحادث الدموي التي تعرضت له سفينة التجسس الأمريكية «ليبرتي» والتي تم قصفها بطاقمها الأمريكي الكامل «34» ضابطاً استخبارياً قبالة شواطئ العريش.
كتب جيمس بامفورد في كتابه: كتلة الأسرار: كيف تسترق الولايات المتحدة وبريطانيا السمع على العالم: أنه في عام 1967، تعمد الرئيس الأمريكي «جونسون» التغطية على قصف الميراج الإسرائيلي والبوارج الحربية، السفينة «ليبرتي» لإخفاء جرائم القتل الممنهج والاتصالات الرسمية الإسرائيلية الموقعة على المجزرة التي مارسها الجيش الإسرائيلي بحق الجنود المصريين!!، مما اضطر الرئيس الأمريكي لإعادة طائرات الإنقاذ الأمريكية التي كانت متجهةً لإنقاذ من بقي من طاقم السفينة على قيد الحياة، وإخفاء أدلة الإدانة الصريحة لإسرائيل ولو كان على حساب الدم الأمريكي!!
ما يعنينا من ذلك كله:
المعركة لها بُعد إيماني واضح، ويد الله -تعالى- واضحة في توجيهها، وله -سبحانه- حكمة في كل ما حصل، وكتائب القسام بعد 14 شهراً من القتال، لازالت تصيب قادة العالَم الغزاة بصدمة مهولة أتت على العقلية الأمريكية والآلة الصهيونية والتربص الطاغوتي!
فالمجاهدون -بفضل الله- تكيفوا مع وقائع الميدان، وفي غالبه هم من يديرون دفة المواجهة فيه رغم قليل الإمكانات المتوفرة، وآلة العدو في انحسار لأن شبح فشل العقيدة القتالية الأمريكية المتبعة يعشش في العقلية الصهيونية المنفذة؛ فهي ذاتها التي انسحبت من العراق ومؤخراً من أفغانستان، وتركت الساحة للمجاهدين وهم بأحسن حال، وأكثر شراسة، وأمضى عزماً على المضي في مشروعهم الجهادي؛ وليس الجيش المهزوم بدعاً من الجيش الفار من كل ميادين المواجهة مع المجاهدين وإن طالت مدتها؛ كيف وهو الذي يديرها بذات «عقلية الفشل المسيطر»!!
قضية الأسرى
وأما قضية الأسرى فلازالت شاهدةً على أكبر فشل استخباراتي في التاريخ من حيث:
1- فشل تطبيق العقلية الأمريكية في قتلهم جميعاً.
2- العجز التام عن تحريرهم -أحياء- رغم تركيز الجهد الاستخباري -الأمريكي، البريطاني، الفرنسي، الألماني، العربي- اللحظي.
3- الاعتراف أنه لا حل لقضيتهم إلا من خلال مفاوضات تفضي في نهايتها لتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين ممن يمثل مجرد التفكير في إطلاق سراحهم خطراً أمنياً استراتيجياً على الوجود الصهيوني في فلسطين.
بدأت بغزة مرحلة إساءة وجه هذا الكيان، ومعها ستنتهي آمال وجودهم، فارفع بالمجاهدين رأساً، واصرف عنك غارات اليأس، فالنصر من عند الله وحده، وما المكر الكبير الذي يمارس عليك؛ إلا لأنك كبير عظيم؛ فلا تسمح لهم أن يهزوك فتلك غايتهم؛ وأنت بالله كثير بل وكثير جداً، فلا تحزن إنَّ الله معنا. «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» «وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».