مقالات

د. إبراهيم التركاوي يكتب: الأُمَّة الإسلاميَّة أُمَّة خالدة

الأُمَّة الإسلامية أُمَّة خالدة لن تموت؛ لأنها أُمَّة ربانية، أصولها ثابتة، وفروعها في السماء، فلم تنشأ من فراغ، ولم تنشأ بالسطو والاغتصاب، ولا بمؤتمرات ومؤامرات حيكت في غفلة من الزمان؛ لتقوم على أنقاض أمم أخرى، كما قام غيرها!

إنَّ الأُمَّة الإسلامية أنشأها الله وأخرجها للناس؛ لتؤدي رسالتها في الوجود، رسالة الرحمة والخير والأمن والسلام للعالمين جميعًا، كما جاء في قول الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]. وفي قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].

ويوم فطنت الأُمَّة إلى منبع قوتها، وعلمت أنها صاحبة دين ورسالة، وقامت بوظيفتها التي ابتعثها الله من أجلها؛ عزَّت وسادت، وأخرجت – مَن شاء – من عبودية العباد؛ إلى عبودية ربِّ العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام!

بيد أنَّ الأُمَّة قد تضعف، وقد يطول ضعفها وهوانها على الناس، وتتداعى عليها أمم البغي والعدوان، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها – كما هي في واقع اليوم – إذا نسيت رسالتها التي ابتعثها الله من أجلها، وعاشت حياةً لاهيةً عابثة، وأخلدت إلى الأرض، واتَّبعت هواها..!!

نعم قد تمرض هذه الأُمَّة، ولكن لا تموت، فهي أُمَّة الخلود، ذات رسالة حضارية جامعة، وتملك من القيم العليا التي لا معنى للحياة إلا بها، ولا يكون الإنسان إنسانًا بغيرها، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فهي تملك من بواعث القوة والأمل والبشريات ما يحملها على الصبر والمصابرة في السعي والجد والعمل؛ لتستأنف مسيرتها، وتعود إلى سالف عزها ومجدها، وهي تؤمن بأن المستقبل لها ولدينها..

ولقد بشَّر رسول الله ﷺ أصحابه – والأُمَّة من بعدهم – بانتشار الإسلام في الأرض كلها، في أوقات اشتداد المحنة به وبأصحابه، وكان الأقرب إلى الذهن فيها تسرب اليأس إلى قلب صاحب الدعوة، لو لم يكن صادقًا، فقال ﷺ: «لَيبلغنَّ هذا الأمر – يَعنى الإسلام – ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدرٍ ولا وبرٍ، إلا أدخله الله هذا الدين، بعزِّ عزيز، أو بذُلِّ ذليل، عِزًّا يُعزُّ الله به الإسلام، وذلًّا يُذلُّ الله به الكفر». [رواه أحمد في مسنده، ورجاله رجال الصحيح].

وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:9].

د. إبراهيم التركاوي

22 أكتوبر 2024م

كاتب وباحث وكاتب في الفكر الإسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *