د. جمال أبو حسان يكتب: حال عجيبة لم يحصل مثلها في التاريخ
قد يحصل للمرء وحده بعض حالات تصيّر حياته إلى أعجوبة من الأعاجيب، هذا على مستوى الشخص الواحد، ولا غرابة في ذلك أبدا فالحياة كلها صروف متبدلة، هكذا قدر الله تعالى فيها، لكن أن يحصل هذا على مستوى الأمة الإسلامية عربيها وعجميّها فهذا هو مصدر الغرابة والاستهجان!
فالأمة العربية ومعها الأمة الإسلامية بقضها وقضيضها، تتوجه اليوم ومن زمن ما تربعت أمريكا على العالم تتوجه إليها الأمة العربية والإسلامية لحسم الصراع في فلسطين وإرجاع الحقوق إلى أهلها!!
وللعلم الآن في العالم كله لا يوجد شعب محتل أو أرض محتلة كما يحدث في فلسطين، العالم كله يرى هذا،
والعالم كله يعترف بهذا، والعالم كله بهيئاته الفاسدة يصدر القانون تلو القانون المؤيد للشعب الفلسطيني،
ومع ذلك لا يحصل أي شيء، تجري المذابح التي لم يشهد التاريخ المعاصر لها مثيلا أمام سمع وبصر العالم كله دون أن يصنع هذا العالم شيئا،
وقد أجهدت الأمة العربية ومعها الإسلامية نفسها في مطالبة أمريكا ومن معها من دول الاستعمار-الاستحمار- أن تُرجع لها حقوقها
وأن تنصف الشعب الفلسطيني لكن دون جدوى، طبعا هذا الذي يجري في العلن أما المخبوء فهو في علم الله تعالى وعلم من يعرف به!
– أمريكا تقول إن أرض فلسطين محتلة ومع ذلك لا تفعل أي فعل يقمع هذا الاحتلال، والعرب والمسلمون يعرفون ذلك.
– أمريكا تقول إن من حق اليهود أن يدافعوا عن أنفسهم، أما أهل فلسطين فليس لهم الحق في ذلك، يعني هذا أن للمحتل أن يدافع عن احتلاله لأرض الغير والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا تقول على اليهود وقف الحرب هذا بشكل علني، لكن المخفي عكس ذلك تماما والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا تتباكى علنا على قتلى المدنيين وهي من يمد الصهاينة بالسلاح علنا وفي وجه النهار لقتل المدنيين، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا يهتز كيانها، ويهتز رئيسها، ويصير يتراقص كالسكران، إذا قُتل من الصهاينة أحد،
وأما قتل عشرات الآلاف من المسلمين في غزة وفلسطين فلا يحرك لأمريكا ولا لرئيسها ولا لإدارتها ساكنا، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا ترسل وزير خارجيتها الصهيوني الكذاب ليمنح اليهود مزيدا من الوقت للاستمرار في مذابح أهل فلسطين، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا ترسل وزير خارجيتها الصهيوني الكذاب لأجل الضغط على حكام العرب ومنعهم من إثارة قضية فلسطين وما يجري فيها، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا ترسل بوارجها الحربية وطائراتها ومدافعها وصواريخها لحماية الصهاينة والحفاظ على الوضع القائم-مذابح للفلسطينيين- والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا تقول علنا أمام العالم لو لم تكن إسرائيل موجودة، لوجب على الأمريكان إيجادها، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا تحافظ على قوة إسرائيل لتكون القوة الأولى في الشرق الأوسط، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا تمد إسرائيل بكل أنواع التكنولوجيا المتطورة والأسلحة الفتاكة، ولا تسمح للمسلمين في كل الأرض أن يمتلكوا منها شيئا، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا ومعها غيرها من الدول الاستعمارية-الاستحمارية- تضغط على المسلمين في كل مكان وتطلب منهم تغيير المناهج الدراسية،
وتطلب منهم أن يعدلوا القوانين الأسرية والاجتماعية، وتطلب منهم تغيير العادات والقيم والتقاليد الحسنة ليتوافق ذلك مع الصهاينة، ولا يطلبون شيئا من ذلك من اليهود، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
– أمريكا تطلب من المسلمين قمع المتدينين الذين لا يرغبون في سياستها في المنطقة، وتنظر للمتدينين اليهود الذين يشتمونها ليل نهار ولا تطلب من الصهاينة قمعهم، والعرب والمسلمون يعلمون ذلك.
فهل تتكرم الدول العربية على شعوبها بتفهيمهم أي سلام يرجى من أمريكا، وأي حق للمسلمين يمكن أن تسترجعه أمريكا،
وبأي حق يضيع الزعماء العرب أوقاتهم وأوقات شعوبهم في الركض وراء سراب أمريكا وقد وضح لهم كل شيء.
أيها العرب والمسلمون إن أمريكا هي أعدى أعدائكم، وهي من تسلط اليهود وتسير وراءهم، ليمحو من الدنيا آثار الإسلام والمسلمين،
وليجعلوا السيطرة الكاملة لليهود على جميع بلدان المسلمين، فمتى نفيق ونضع أمريكا الموضع الذي يليق بها،
ونحن أشرف أمة، وأعظم أمة، وأعز أمة، ما دمنا مستمسكين بكتاب ربنا تعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم،
فهل نفيق، أم نبقى في الشخير ويكثر فينا النهيق؟
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد
تلك نفثة مصدور على صفحة تملؤها السطور